البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٤٤
سدس رقبته داخلا في الوصية، فأما الجزء عبارة عن شئ مبهم والتعيين فيه للورثة فلم تكن الرقبة داخله له تحت الوصية، كذا في المحيط. وما عن أبي يوسف هنا جزم به في الاختيار. وذكر الولوالجي لو قال مريض أعتقوا فلانا بعد موتي إن شاء الله تعالى صح الايصاء. وفرق بين هذا وبين ما إذا قال هو حر بعد موتي إن شاء الله تعالى حيث لا يصح، والفرق أن في المسألة الأولى أمر بالاعتاق والاستثناء في الأمور باطل وفي المسألة الثانية إيجاب والاستثناء في الايجاب صحيح ا ه‍.
قوله: (فلا يباع ولا يوهب) شروع في بيان أحكامه. وقال الشافعي رحمه الله تعالى:
يجوز لأنه تعليق العتق بالشرط فلا يمتنع به البيع والهبة كما في سائر التعليقات، وكما في المدبر المقيد ولان التدبير وصية وهي غير مانعة من ذلك. ولنا قوله عليه السلام المدبر لا يوهب ولا يورث ولا يباع وهو حر من الثلث ولأنه سبب الحرية لأن الحرية تثبت بعد الموت ولا سبب غيره، ثم جعله سببا في الحال أولى لوجوده في الحال وعدمه بعد الموت لأن ما بعد الموت حال بطلان أهلية التصرف فلا يمكن تأخير السببية إلى زمان بطلان الأهلية بخلاف سائر التعليقات لأن المانع من السببية قائم قبل الشرط لأنه يمين واليمين مانع والمنع هو المقصود وأنه يضاد وقوع الطلاق والعتاق فأمكن تأخير السبب إلى زمان الشرط لقيام الأهلية عنده فافترقا، ولأنه وصية الوصية خلافة في الحال لوراثة وإبطال السبب لا يجوز في البيع وما يضاهيه ذلك أراد بالبيع الاخراج عن الملك بعوض وبالهبة الاخراج بغير عوض فكأنه قال لا يخرج عن الملك. وفي الذخيرة وغيرها: كل تصرف لا يقع في الحر نحو البيع والامهار فإنه يمنع في المدبر والمدبرة لأن المدبر باق على حكم الملك المولى إلا أنه انعقد له سبب الحرية فكل تصرف يبطل هذا السبب يمنع المولى منه ا ه‍. فلذا لا تجوز الوصاية به ولا رهنه لأن الرهن والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من باب تمليك العين وتملكها، كذا في البدائع. ومن هنا يعلم أن شرط الواقفين في كتبهم أنها لا تخرج إلا برهن شرط باطل إذا لوقف أمانة في يد مستعيره فلا يتأتى الايفاء والاستيفاء بالرهن سنوضحه إن شاء الله تعالى. وفي الظهيرية: فإن باعه وقضى القاضي
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست