البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٦١
مضمار التكليف وله في كل شئ حكمة وعلم وما يذكر إلا أولوا الألباب ا ه‍. وقال بعضهم: المراد به داء الكبر والترفع عن استباحة ما أباحته الشريعة المطهرة وأحلته السنة المعظمة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقله دفعا للتكبر والترفع، وهذا ضعيف لأنه حينئذ يخرج ذكر الجناحين والشفاء عن الفائدة. كذا ذكره السراج الهندي.
واستدل مشايخنا أيضا على أصل المسألة بما عن سلمان رضي الله عنه عنه عليه السلام قال: يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوؤه. قال الزيلعي رحمه الله تعالى: المخرج رواه الدارقطني. وقال: لم يروه إلا بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي وهو ضعيف، ورواه ابن عدي في الكامل وأعله بسعيد هذا وقال: هو شيخ مجهول وحديثه غير محفوظ ا ه‍. قال العلامة في فتح القدير: ودفعا بأن بقية هذا هو ابن الوليد روى عنه الأئمة مثل الحمادين وابن المبارك ويزيد بن هارون وابن عيينة ووكيع والأوزاعي وإسحق بن راهويه وشعبة وناهيك بشعبة واحتياطه. قال يحيى: كان شعبة مبجلا لبقية حيث قدم بغداد وقد روى له الجماعة إلا البخاري. وأما سعيد بن أبي سعيد هذا فذكره الخطيب وقال: واسم أبيه عبد الجبار وكان ثقة فانتفت الجهالة والحديث مع هذا لا ينزل عن الحسن ا ه‍. قال في الهداية: ولان المنجس اختلاط الدم المسفوح بأجزائه عند الموت حتى حل المذكي لانعدام الدم فيه ولا دم فيها، والحرمة ليست من ضرورتها النجاسة كالطين وأورد عليه ذبيحة المجوسي ومتروك التسمية عامدا فإنها نجسة مع زوال الدم المسفوح، وذبيحة المسلم إذا لم يسل منها الدم لعارض بأن أكلت ورق العناب فإنها حلال مع أن الدم لم يسل، وأجاب الأكمل وغيره عن الأول بأن القياس الطهارة كالمسلم إلا أن صاحب الشرع أخرجه عن أهلية الذبح فذبحه كلا ذبح. وعن الثاني أن الشارع أقام الأهلية واستعمال آلة الذبح مقام الإسالة لاتيانه بما هو داخل تحت قدرته ولا يعتبر بالعوارض لأنها لا تدخل تحت القواعد الأصلية. وأجاب في معراج الدراية بأن ذبيحة المجوسي والوثني وتارك التسمية عمدا طاهر على الأصح وإن لم تؤكل لعدم أهلية الذابح، وعزاه إلى المجتبى ثم قال: فإن قيل لو كان المنجس هو الدم يلزم أن يكون الدموي من الحيوان نجسا، سواء كان قبل الحياة أو بعدها لأنه يشمل على الدم في كلتا الحالتين. قلنا: الدم حال الحياة في معدنه والدم في معدنه لا يكون نجسا بخلاف الذي بعد الموت لأن الدماء بعد الموت تنصب عن مجاريها فلا تبقى في معادنها فيتنجس اللحم بتشربه إياها، ولهذا لو قطعت العروق بعد الموت لا يسيل الدم منها. وفي صلاة البقالي: لو مص البق الدم لم ينجس عند أبي يوسف لأنه
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست