البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٦٥
مستعملا بإزالة الحدث فصار كما لو أدخل الجنب أو الحائض أو المحدث يده في الماء لا يصير مستعملا للضرورة، والقياس أن يصير مستعملا عندهم لإزالة الحدث ولكن سقط للحاجة ا ه‍. وأقره عليه العلامة كمال الدين بن الهمام والإمام الزيلعي، وصرح في البدائع أن الخلاف لم ينقل عنهم نصا وإنما مسائلهم تدل عليه، وكذا في المحيط لكن قال: وهذا الخلاف صحيح عند محمد لأن تغير الماء عند محمد باعتبار إقامة القربة به لا باعتبار تحول نجاسة حكمية إلى الماء، وعندهما تغير الماء باعتبار أنه تحول إليه نجاسة حكمية، وفي الحالتين تحول إلى الماء نجاسة حكمية فأوجب تغيره ا ه‍. والذي يدل على صحة الخلاف ما نقله في المحيط والخلاصة وكثير من الكتب، وعزاه الهندي إلى صلاة الأثر لمحمد أن الرجل إذا أخذ الماء بفمه وهو جنب ولا يريد المضمضة فغسل يده به أجزأه عن غسل اليد ولا يصير مستعملا عند محمد لعدم قصد القربة وإن زال الحدث عن الفم لكن يقال من جهة شمس الأئمة السرخسي أن محمدا إنما لم يقل بالاستعمال للضرورة لا لأن إزالة الحدث لا توجب الاستعمال. وقد علل به في المحيط فقال: لم يحكم باستعمال الماء للضرورة ويؤيده ما في فتح القدير أن الذي نعقله أن كلا من التقرب الماحي للسيئات والاسقاط مؤثر في التغير، ألا ترى أنه انفرد وصف التقرب في صدقة التطوع وأثر التغير حتى حرم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رأينا الأثر عند ثبوت وصف الاسقاط معه غير ذلك وهو أشد فحرم على قرابته الناصرة له فعرفنا أن كلا أثر تغيرا شرعيا وبهذا يبعد قول محمد إنه التقرب فقط إلا أن يمنع كون هذا مذهبه كما قال شمس الأئمة ا ه‍. ولو غسل يده للطعام أو منه صار الماء مستعملا لأنه أقام به قربة لأنه سنة، ولو غسل يده من الوسخ لا يصير مستعملا لعدم إزالة الحدث وإقامة القربة. كذا في المحيط. وهذا التعليل يفيد أنه كان متوضئا ولا بد منه كما لا يخفى. وقوله فيما قبله لأنه أقام قربة يفيد أنه قصد إقامة السنة فلو لم يقصدها لا يصير مستعملا. وفيه: لو وصلت شعر آدمي إلى ذؤابتها فغسلت ذلك الشعر الواصل لم يصر الماء مستعملا، ولو غسل رأس إنسان مقتول قد بان منه صار الماء مستعملا لأن الرأس إذا وجد مع البدن ضم إلى البدن وصلى عليه فيكون بمنزلة البدن والشعر لا يضم مع البدن، فبالانفصال لم يبق له حكم البدن فلا تكون غسالته مستعملة.
قال الولوالجي في فتاواه: وهذا الفرق يأتي على الرواية المختارة أن شعر الآدمي ليس بنجس، أما على الرواية الأخرى لا يتأتي فإنه نجس ينجس الماء ا ه‍. وفي المبتغى وغيره:
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست