البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٧٦
لفقد نية القربة وهي شرط عنده في صيرورته مستعملا، وهذه المسألة أخذ منها أبو بكر الرازي الاختلاف في سبب استعمال الماء بين الأصحاب، وقد تقدم أن أخذه منها غير لازم كما ذكره شمس الأئمة. وقال الخبازي في حاشية الهداية قال القدوري رحمه الله: كان شيخنا أبو عبد الله الجرجاني يقول: الصحيح عندي من مذهب أصحابنا أن إزالة الحدث توجب استعمال الماء ولا معنى لهذا الخلاف إذ لا نص فيه. وإنما لم يأخذ حكم الاستعمال في مسألة طلب الدلو لمكان الضرورة إذا لحاجة إلى الانغماس في البئر لطلب الدلو مما يتكرر، فلو احتاجوا إلى الغسل عند نزح ماء البئر كل مرة لحرجوا حرجا عظيما وصار كالمحدث إذا اغترف الماء بكفه لا يصير مستعملا بلا خلاف وإن وجد إسقاط الفرض لمكان الضرورة بخلاف ما إذا أدخل غير اليد فيه صار الماء مستعملا ا ه‍. وعن أبي حنيفة أن الرجل طاهر لأن الماء لا يعطي له حكم الاستعمال قبل الانفصال من العضو. وقال الزيلعي والهندي وغيرهما تبعا لصاحب الهداية: وهذه الرواية أوفق الروايات أي للقياس، وفي فتح القدير وشرح المجمع أنها الرواية المصححة ا ه‍. وتعليلهم هذا يفيد أنه لو تمضمض واستنشق داخل البئر قبل انفصاله لا يخرج عن الجنابة لصيرورة الماء مستعملا قبل الانفصال، وقد صرح به في السراج الوهاج فعلم بما قررناه أن المذهب المختار في هذه المسألة أن الرجل طاهر والماء طاهر غير طهور. أما كون الرجل طاهرا على الصحيح فقد علمته. وأما كون الماء مستعملا كذلك على الصحيح فقد علمته أيضا مما قدمناه
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست