البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٦٨
كالفخذ، الأصح إنه لا يصير مستعملا بخلاف أعضاء الوضوء ا ه‍. وفي المبتغي بالغين بالمعجمة: وبغسله ثوبا أو دابة تؤكل لا يصير مستعملا، ووضوء الحائض مستعمل لأن وضوءها مستحب ا ه‍. ولا يخفى أنه لا يصير مستعملا إلا إذا قصدت الاتيان بالمستحب، وفي البدائع: لو زاد على الثلاث فإن أراد بالزيادة ابتداء الوضوء صار الماء مستعملا، وإن أراد الزيادة على الوضوء الأول اختلف المشايخ فيه ا ه‍. وفيه كلام قدمناه في بحث تثليث الغسل في السنن فليراجع فإنه يقتضي أن الوضوء على الوضوء لا يكون قربة إلا إذا اختلف المجلس فحينئذ يكون الماء مستعملا، أما إذا اتحد المجلس فلا يكون قربة بل مكروه فيكون الماء غير مستعمل.
وفي معراج الدراية: فإن قيل المتوضئ ليس على أعضائه نجاسة لا حقيقية ولا حكمية، فكيف يصير الماء مستعملا بنية القربة؟ قلنا: لما نوى القربة فقد ازداد طهارة على طهارة ولن تكون طهارة جديدة إلا بإزالة النجاسة الحكمية حكما فصارت الطهارة على الطهارة وعلى الحدث سواء ا ه‍. وأما الثاني أعني وقت ثبوت الاستعمال فقال بعض مشايخنا: الماء المستعمل ما زايل البدن واستقر في مكان من أرض أو إناء وهو مذهب سفيان الثوري، واستدل بمسائل زعم أنها تدل له منها إذا توضأ واغتسل وبقي على يده لمعة فأخذ البلل منها في الوضوء أو من أي عضو كان في الغسل وغسل اللمعة يجوز، ومنها نقل البلة من مغسول إلى ممسوح جائز وإن وجد الانفصال، ومنها أن الخرقة التي يتمسح بها تجوز الصلاة معها وإن كان ما أصابها من البلل كثيرا فاحشا، وكذا إذا أصاب ثوبه الماء المستعمل لا يضره وإن كان كثيرا وإن وجد الانفصال فأما عندنا فما دام على العضو لا يصير مستعملا وإذا زايله صار مستعملا وإن لم يستقر في مكان فإنه ذكر في الأصل أنه إذا مسح رأسه ببلل أخذه من لحيته لم يجز، وإن لم يستقر في مكان. وكذا لو مسح رأسه ببلل باق بعد مسح الخفين لا يجزئه، وعلل بأنه ماء قد مسح به مرة أشار به إلى ما قلنا. قالوا لا يجوز نقل البلة من عضو مغسول إلى مثله، فدل على أن المذهب ما قلناه، ووجهه أن القياس صيرورته مستعملا بنفس الملاقاة لوجود السبب فكان ينبغي أن يؤخذ لكل جزء من العضو جزء من الماء إلا أن فيه حرجا فسقط اعتبار حالة الاستعمال في عضو واحد حقيقة أو في عضو واحد
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست