البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٦
البيان من أنها ما في فعله ثواب وفي تركه عتاب لا عقاب فهو تعريف بالحكم، وما في شرح النقاية من أنها ما ثبت بقوله أو فعله وليس بواجب ولا مستحب ففيه نظر لشموله المباح، وما في فتح القدير وغيره من أنها ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليه مع الترك أحيانا فمنتقض بالفرض فإن القيام في الصلاة مثلا حصلت المواظبة عليه مع الترك أحيانا لعذر المرض، فلذا زاد في التحرير أن يكون الترك أحيانا بلا عذر ليلزم كونه بلا وجوب، وظاهره أن المواظبة بلا ترك أصلا لا تفيد السنية بل الوجوب، وظاهر الهداية يخالفه فإنه في الاستدلال على سنية المضمضة والاستنشاق. قال. لأنه عليه السلام فعلهما على المواظبة، وكذا استدلالهم على سنية الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان بأنه عليه السلام واظب على الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان حتى توفاه الله تعالى كما في الصحيحين، يفيد أنها تفيد السنية مطلقا، ولذا قال في فتح القدير: فهذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الانكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية وإلا كانت تكون دليل الوجوب انتهى. والذي ظهر للعبد الضعيف أن السنة ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم لكن إن كانت لا مع الترك.
فهي دليل السنة المؤكدة، وإن كانت مع الترك أحيانا فهي دليل غير المؤكدة، وإن اقترنت بالانكار على من لم يفعله فهي دليل الوجوب فافهم هذا فإن به يحصل التوفيق. وفي بعض النسخ وسننه بالجمع ونكته جمعها وأفراد الفرض الإشارة إلى أن الفروض وإن كثرت في حكم شئ واحد بدليل فساد البعض بترك البعض بخلاف السنن إذ لا يبطل بعضها بترك بعضها. والإضافة هنا بمعنى اللام كما لا يخفى، وجعلها المصنف في المستصفى من إضافة الشئ إلى محله لأن الطهارة محل لهذه السنن، وفي النهاية أنها بمعنى من وفيه ما تقدم في كتاب الطهارة.
قوله: (غسل يديه إلى رسغيه ابتداء) يعني غسل اليد ين ثلاثا إلى رسغيه في ابتداء الوضوء سنة. والرسغ منتهى الكف عند المفصل. وفي ضياء الحلوم: الرسغ بالغين المعجمة موصل الكف في الذراع والقدم في الساق. اعلم أن في غسل اليدين ابتداء ثلاثة أقوال:
قيل إنه فرض وتقديمه سنة واختاره في فتح القدير والمعراج والخبازية وإليه يشير قول محمد في الأصل بعد غسل الوجه ثم يغسل ذراعيه ولم يقل يديه فلا يجب غسلهما ثانيا. وقيل إنه
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست