البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٧
على الصحيح كذا في السراج واختاره في المبسوط، والأولى أن يقال إنهما سنة مؤكدة لا توصف الثانية وحدها أو الثالثة وحدها بالسنية إلا مع ملاحظة الأخرى. والسنة تكرار الغسلات المستوعبات لا الغرفات، وإن اكتفى بالمرة الواحدة قيل يأثم لأنه ترك السنة المشهورة، وقيل لا يأثم لأنه قد أتى بما أمره به ربه كذا في الظهيرية، ولا يخفى ترجيح الثاني لقولهم والوعيد في الحديث لعدم رؤيته الثلاث سنة، فلو كان الاثم يحصل بالترك لما احتيج إلى حمل الحديث على ما ذكروا. وقيل: إن اعتاد يكره وإلا فلا واختاره في الخلاصة. وقد ذكروا دليل السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء من لا يقبل الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الاجر مرتين، وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم. فأما صدره إلى قوله فمن زاد فرواه الدارقطني، وأما عجزه من قوله فمن زاد إلى آخره فرواه ابن ماجة والنسائي، وقوله توضأ مرة أي غسل كل عضو مرة، والمراد بالقبول الجواز بمعنى الصحة. وإنما قلنا هذا لما عرف أن القبول لا يلازم الصحة لأن الصحة تعتمد وجود الشرائط والأركان والقبول يعتمد صدق العزيمة وخلوصها. وله شرائط كثيرة لقوله تعالى * (إنما يتقبل الله من المتقين) * (المائدة: 27). واختلف في معنى قوله فمن زاد على هذا على أقوال، فقيل على الحد المحدود وهو مردود له عليه الصلاة والسلام من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل والحديث في المصابيح. وإطالة الغرة تكون بالزيادة على الحد المحدود. وقيل على أعضاء الوضوء، وقيل الزيادة على العدد والنقص عنه، والصحيح أنه محمول على الاعتقاد دون نفس الفعل حتى لو زاد أو نقص واعتقد أن الثلاث سنة لا يلحقه الوعيد كذا في البدائع واقتصر عليه في الهداية. وعلى الأقوال كلها لو زاد لطمأنينة القلب
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست