البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٠
أعضاء الوضوء لكونها من مكملاته. كذا في معراج الدراية وهو مبني على أن المراد به نفي الفضيلة وهو ظاهر في نفي الجواز لكنه خبر واحد لا يزاد به على الكتاب فمقتضاه الوجوب إلا لصارف، فذكر بعضهم أن الصارف قوله عليه السلام من توضأ وسمى الله تعالى كان طهورا لجميع أعضائه، ومن توضأ ولم يسم الله كان طهورا لأعضاء وضوئه فإنه يقتضي وجود الوضوء بلا تسمية وهو مردود من ثلاثة أوجه: الأول ضعف الحديث كما بينه في فتح القدير. الثاني أن ترك الواجب لا ينفي الوجود وإنما يوجب النقصان فقط. الثالث أنه يقتضي تجزي الطهارة وهي غير متجزئة عندنا. كذا في المعراج، ورده الأكمل في تقريره بأن من توضأ وغسل بعض أعضاء وضوئه كانت الطهارة مقتصرة على ما غسل، نعم بدن الانسان باعتبار ما يخرج منه غير متجز. وقيل الصارف عدم حكاية عثمان وعلي لها لما حكيا وضوءه عليه السلام، ورده في فتح القدير بأن عدم النقل لا ينفي الوجود فكيف بعد الثبوت بوجه آخر؟ ألا ترى أنهما لم ينقلا التخليل والسواك؟ ولا شك أنهما سنتان. وذكر في المبسوط أن الصارف هو عدم تعليمها للاعرابي لما علمه الوضوء، ورده في فتح القدير بأن حديث الاعرابي وإن حسنه الترمذي ضعفه ابن القطان قال: فأدى النظر إلى وجوبها غير أن صحة الوضوء لا تتوقف عليها لأن الركن إنما يثبت بالقاطع ولا يلزم الزيادة على الكتاب بخبر الواحد إلا لو قلنا بالافتراض. وقد أجاب عن قولهم لا واجب في الوضوء لما حاصله أن هذا الحديث لما كان ظني الثبوت قطعي الدلالة ولم يصرفه صارف أفاد الوجوب ولا مانع منه، وقول من قال إنه ظني الدلالة ممنوع بأنه إن أريد بظنيها مشتركها فما نحن فيه ليس منه فإن الظاهر أن النفي متسلط على الوضوء والحكم الذي هو الصحة ونفي الكمال احتمال، وإن أريد بظنيها ما فيه احتمال ولو مرجوحا فلا نسلم أنه لا يثبت به الوجوب لأن الظن واجب الاتباع وإن كان فيه احتمال. ولقائل أن يقول: إن قوله عدم النقل لا ينفي الوجود إلى آخره لا يتم في الواجب إذ لا يجوز في التعليم ترك شئ من الواجبات، فلو كانت التسمية واجبة لذكراها للحاجة إلى بيانها بخلاف السنن فكان هذا صارفا سالما عن الرد.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست