البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤١
ومرادهم من ظني الدلالة مشتركها كما صرح به الأصوليون، ولا شك أنه مشترك شرعي أطلق تارة وأريد به نفي الحقيقة نحو لا صلاة لحائض إلا بخمار (1) ولا نكاح إلا بشهود، وأطلق تارة مرادا به نفي الكمال نحو لا صلاة للعبد الآبق ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد فتعين نفي الحقيقة في الأول بالاجماع، وفي الثاني لأنه مشهور تلقته الأمة بالقبول، فتجوز الزيادة بمثله على النصوص المطلقة فكانت الشهادة شرطا فعند عدم المرجح لاحد المعنيين كان الحديث ظنيا وبه تثبت السنة ومنه حديث التسمية، والعجب من الكمال بن الهمام أنه في هذا الموضع لفي ظنية الدلالة عن حديث التسمية بمعنى مشتركها وأثبتها له في باب شروط الصلاة بأبلغ وجوه الاثبات بأن قال: ولا شك في ذلك لأن احتمال نفي الكمال قائم. فالحق ما عليه علماؤنا من أنها مستحبة، كيف وقد قال الإمام أحمد: لا أعلم فيها حديثا ثابتا والله تعالى أعلم.
ولو نسي التسمية في ابتداء الوضوء ثم ذكرها في خلاله فسمى لا تحصل السنة بخلاف نحوه في الاكل. كذا في التبيين معللا بأن الوضوء عمل واحد بخلاف الاكل فإن كل لقمة فعل مبتدأ اه‍. ولهذا ذكر في الخانية: لو قال كلما أكلت اللحم فلله علي أن أتصدق بدرهم فعليه بكل لقمة درهم لأن كل لقمة أكل. لكن قال المحقق ابن الهمام: هو إنما يستلزم في الاكل تحصيل السنة في الباقي لا استدراك ما فات اه‍. وظاهره مع ما قبله أنه إذا نسي التسمية فإتيانه بها وعدمه سواء، مع أن ظاهر ما في السراج الوهاج أن الاتيان بها مطلوب ولفظة: فإن نسي التسمية في أول الطهارة أتى بها إذا ذكرها قبل الفراغ حتى لا يخلو الوضوء منها.
قوله (والسواك) أي استعماله لأنه اسم للخشبة. كذا في الشروح. ولا حاجة إليه لأن السواك يأتي بمعنى المصدر أيضا كما ذكره ابن فارس في كتابه المسمى بمقياس اللغة، ولهذا قال في فتح القدير: أي الاستياك. والجمع سوك ككتاب وكتب ويجوز رفعه وجره وهو
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست