المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٧٤
دم الخطأ وفي العمد من الجراح التي لا قصاص فيها بمنزلة الوكالة بالمال لان المستحق هاهنا هو المال وهو مما يثبت مع الشبهة وإذا وقع فيه الغلط أمكن تداركه والأسباب مطلوبة لا حكامها وعند اعتبار الحكم هذا دين كسائر الديون فيجوز التوكيل باثباته واستيفائه ويكون اقرار الوكيل به في مجلس الحكم نافذا علي موكله وإذا قتل الرجل عمدا وله ورثة صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل قصاصا في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال ابن أبي ليلي ليس لهم أن يقتلوه حتى يكبر الصغار وهو قول أبى يوسف ومحمد والشافعي وقول مالك كقول أبي حنيفة بناء على مذهبه وهو أن استيفاء القصاص باعتبار الولاية دون الوراثة والولاية للكبير دون الصغير ولهذا لم يجعل للزوج والزوجة والاخوة لام حق استيفاء القصاص فأما عند أصحابنا فاستيفاء القصاص بطريق الخلافة إرثا ثم وجه قولهم ان القصاص أحد بدلي الدم فلا ينفرد الكبير باستيفائه كالدية بل أولى لان المال يجرى فيه من المساهلة في الاثبات والاستيفاء مالا يجرى في العقوبات ولان هذا قصاص مشترك بين الكبير والصغير ولا ولاية للكبير على الصغير فلا يملك استيفاءه كما لو قتل عبدا مشتركا بينهما والدليل عليه انهما لو كانا كبيرين وأحدهما غائب لم يكن للحاضر أن ينفرد بالاستيفاء لانعدام ولايته على الغائب فكذلك أن كان أحدهما صغيرا وهذا لان الواجب قصاص واحد فان المقتول نفس واحدة فيجب بمقابلتها قصاص واحد ويكون ذلك واجبا للمقتول بمنزلة الدية ولهذا إذا انقلب مالا فإنه يقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه ثم الورثة يخلفونه في استيفاء ما وجب له فكل واحد منهم في ذلك بمنزلة الشطر للعلة أو كل واحد منهما إنما يرث جزأ منه لان استحقاق الميراث سهام منصوص عليها يسقط كالنصف والثلث والربع وبملك بعض القصاص لا يتمكن من استيفاء الكل والدليل عليه أنه لو عفا أحدهم يسقط القصاص ولو كان الواجب لكل واحد منهم قصاصا كاملا لما تعذر الاستيفاء على أحدهم بعد عفو الآخر وبالعفو ينقلب نصيب الآخر مالا وهذا الكلام يصح فيما إذا كان القصاص واجبا للمورث فمات وورثه جماعة والخلاف ثابت في الفصلين ولا اشكال ان هاهنا إنما يرث كل واحد بعض القصاص وأبو حنيفة استدل بما روى أن عبد الرحمن بن ملجم لما قتل عليا رضي الله عنه قتله الحسن رضي الله عنه به قصاصا وقد كان في أولاد علي صغار ولم ينتظر بلوغهم وإنما فعل ذلك بأمر علي رضي الله عنه على ما روى أنه لما بلغه ان ابن ملجم أخذ قال للحسن ان عشت رأيت فيه رأيي وان مت فاقتله
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست