المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٦٩
انه لو شهد عليه رجل انه قطع أصبعا له وشهد الآخر انه استهلك له ألف درهم لم يقض القاضي على بشئ فان اتفقا على وجوب الألف له في ماله فان نكلوا جميعا قضيت عليه بالقصاص لان الفعلين ظهرا بالحجر عند القاضي فان طلب الولي أن يقتص من اليد والرجل لم يكن له ذلك لأنه لما اتصلت بفعله السراية كان ذلك قتلا فيكون حقه في القصاص في النفس مقصودا دون الأطراف وقد بينا خلاف الشافعي في هذا ولو شهد الشاهدان عليه انه قطع يده من المفصل عمدا ثم قتله عمدا كان لوارثه أن يقتص من يده ثم يقتله فان قال القاضي له اقتله ولا تقتص من يده فذلك حسن أيضا وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يأمره بقتله ولا يجعل له القصاص في يده لان الجنايتين تواليا من واحد وهما من جنس واحد فيكونان كجناية واحدة (ألا ترى) ان في الخطأ لو قطع يده ثم قتله قبل البرء لا تجب الا دية واحدة لهذا المعنى وهذا لان قبل البرء الجناية الأولى كانت موقوفة في حق الحكم علي السراية فالفعل الثاني يكون اتماما لما يوقف عليه الجناية الأولى فيجعلان كجناية واحدة بخلاف ما إذا تخلل بين الجنايتين برء فان هناك الأولى قد انتهت واستقر حكمها بالبرء فتكون الثانية جناية أخرى بمنزلة ما لو جعلت على نفس أخرى وبخلاف ما إذا كان الجاني اثنين لان الفعل من الأول ما توقف على أن يصير بالسراية فعلا مضافا إلى شخص آخر فلا يمكن جعل الثاني اتماما للأول وبخلاف ما إذا كان أحد الفعلين عمدا والآخر خطأ لان باختلاف صفة الفعل يختلف الموجب فلا يمكن جعل الثاني اتماما للأول كما إذا اختلف الفاعل أو محل الفعل * وايضاح جميع ما ذكرنا في فصل الخطأ انه لو قطع يده ثم قتله قبل البرء لا تجب الا دية واحدة كذا هنا وأبو حنيفة يقول إن القصاص يبنى على المساواة في الفعل والمقصود بالفعل في القتل والقطع جميعا مراعاة المساواة في صورة الفعل جميعا فيتخير الولي بينهما إلى أن يقطع الامام عليه هذا الخيار بأن يأمره باعتبار المقصود وهو القتل وأن يترك الاستيفاء بمراعاة الصورة وهذا منه اجتهاد في موضعه فعليه أمره به وبه فارق الخطأ فالمعتبر هناك صيانة المحل عن الاهدار لا صورة الفعل لان الخطأ موضوع عنا رحمة من الشرع علينا ثم مبنى العمد على التغليظ والتشديد ولهذا يقتل العشرة بالواحد وفيه مراعاة صورة الفعل مع التغليظ أيضا فيجوز اعتبار ذلك في العمد بخلاف الخطأ فإنه مبنى على التخفيف (ألا ترى) ان الدية لا تتعدد بتعدد القاتلين وفي العمد المقصود هو التشفي والانتقام وفي التمكن من القطع والقتل جميعا زيادة تحقيق في هذا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست