المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٦٠
وان ادعى القاتل العفو على الورثة ولا بينة له حلف الوارث على ذلك لأنه يدعي عليه ما لو أقربه لزمه فان حلف أحد بالقصاص لا يحلف بل بالقتل السابق ولكن يحلفه كما انتفى ما ادعاه من العفو وان نكل عن اليمين بطل حقه لان نكوله كاقراره ولشركائه حصتهم من الدية كما لو أقر الناكل العفو وأن شهد شاهدان للقاتل أنه صالح على الدية وانهما كفلا عنه بعد ذلك في غير صلح والولي منكر لذلك لم تجز شهادتهما ان ذكرا أن الكفالة كانت في الصلح لان الصلح المشروط فيه كفالة الكفيل بعينه لا يتم الا بقبوله فإنما يشهدان علي عقد تم بهما وهو الصلح الذي تم بكفالتهما فيكون هذا شهادة علي فعل أنفسهما فلا تقبل وان ذكرا أنها بعد الصلح فشهادتهما على الصلح جائزة لأنهما أجنبيان لا تهمة في شهادتهما ويؤخذان بالكفالة باقرارهما على أنفسهما ولا يرجعان بذلك علي الذي كفلا عنه إلا أن يكون أمرهما بذلك لان الكفيل بغير الامر متبرع فيما يلزم ويؤدى وان ادعى الولي شهادتهما وجحد ذلك القاتل جازت شهادتهما علي أنفسهما لان القود قد سقط بدعوى الولي الصلح وقد أقر بوجوب المال عليهما وعلي القاتل ويلزمهما ما أقرا به على أنفسهما ولا يرجعان على القاتل بشئ لان اقرارهما ليس بحجة عليه وإذا شهد شاهدان على العفو وقضى القاضي ثم رجعا فلا ضمان عليهما لان القود ليس بمال والشاهد عند الرجوع إنما يضمن ما أتلف من المال بشهادته فأما ما ليس بمال فيما هو مبتذل لا يكون مضمونا بالمال عند الاتلاف وقد بينا هذا في الرجوع عن الشهادات وإن لم يقض القاضي بشهادتهما حتى رجعا فالقصاص كما هو على حاله لان الشهادة لا توجب شيئا ما لم يتصل بها القضاء فإذا لم يقض القاضي ها هنا لم يسقط القود فانعدم المانع من استيفاء القود واختلاف شهود العفو في الوقت والمكان لا يمنع قبول الشهادة لان العفو قول بعاد ويكرر فيكون الثاني هو الأول ولو شهدا على أحد الورثة بالعفو ولم يعرفوا انه هو فشهادتهما باطلة لان المشهود عليه مجهول وجهالته تمنع القاضي من القضاء بالشهادة فيقي القصاص كما كان ولو شهد أحدهما أنه عفا على ألف درهم وشهد الآخر انه عفا على غير جعل فالشهادة باطلة لاختلافهما في المشهود به وهو نظير الطلاق والعتاق إذا اختلف الشاهدان فيه بهذه الصفة وكذلك أن شهد أحدهما بالصلح بألف والآخر بخمسمائة لان القاتل لابد أن يدعي شهادة أحدهما وهو الذي شهد بخمسمائة فيكون مكذبا شهادة الآخر وهو شهادة من شهد بألف وإن لم يدعه القاتل وادعاه ولى الدم فقد حاز العفو باقرار الولي بسقوط حقه في القود ثم لا يقضي بشئ من المال
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست