المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٤٩
في الطرف يتمكن من الاستيفاء ولمراعاة حق الآخر في النفس يتقيد عليه بشرط السلامة وهو بمنزلة ما لو قلع سن انسان فاستؤني حولا فلم ينبت فإنه يمكن من استيفاء القصاص فان استوفى القصاص ثم نبت السن المقلوع أولا وجب عليه أرش سن القالع لهذا المعنى وهذا بخلاف قطع الامام يد السارق لان ذلك مستحق عليه اقامته فيتقيد بما في وسعه * يوضحه أن المأمور به هناك قطع مطلق وفعله في الصورة قطع فيصير به ممتثلا للآمر ويخرج من عهدته فيصير كالمسلم إلى من له القصاص عامل لنفسه الحق فإذا مات من ذلك فإنما قتله من له الحق بعد ما خرج الامام من عهدة فعله فأما هنا فمن له القصاص عامل لنفسه فلا يخرج من عهدته قبل البرء وإنما اذن له في قطع مقيد بكونه قصاصا والقصاص عبارة عن المساواة فإذا تبين أنه لم يكن قصاصا كان مضمونا عليه ولهذا قلنا في قوله اقطع يدي فقطع فسرى لا يجب شئ لأنه أنابه مناب نفسه في قطع مطلق فكما أن به تحول فعله إلى الآمر وخرج القاطع من عهدته وكذلك النزاع والفصاد والحجام إنما أمروا بفعل مطلق وكما فرغوا من ذلك خرجوا من عهدتهم وصار مسلما إلى من أمرهم بذلك فأما قول من عليه القصاص لمن له القصاص اقطع يدي قصاصا غير معتبر لان من له القصاص عامل لنفسه بعد هذا القول وقبله كيف وقد قيد الامر بقوله اقطع قصاصا فإذا سرى إلى النفس فهذا على الخلاف والحرف الآخر لأبي حنيفة أن هذه سراية تولدت من قطع مضمون فيكون مضمونا كما لو قطع يد انسان ظلما وبيان ذلك أن القصاص محض حق العباد فيكون واجبا بطريق الجبران وما يستوفى جبرا يكون على المستوفى بما كان استوفى منه فان معنى الجبران لا يتحقق الا به كمن استهلك على انسان مالا فاستوفى منه مثله كان المستوفى مضمونا على المستوفى وهذا مثله فإذا كان أصل الفعل مضمونا والسراية أثره فتكون مضمونة أيضا وعليه يخرج قطع يد السارق لأنه أقامه حدا فلا يكون مضمونا على الامام (ألا ترى) أن ذلك قضاء منه وفيما يكون مضمونا عليه لا يكون نافذ القضاء وكذلك إذا قال لغيره اقطع يدي فإنه غير مضمون عليه لأنه عامل للآمر لامره في محل مملوك له وكذلك قطع بد المرتد وأما فعل الفصاد والنزاع فإنه مضمون ضمان عقد ولكن لا يتولد ضمان الجناية من ضمان العقد وقد قررنا هذا في مسألة الأجير المشترك ولو لم يمت المقتص منه ومات المقتص له قتل به المقتص منه لأنه لما مات تبين أن الواجب له القصاص في النفس ومن له القصاص في النفس إذا قطع بد من عليه القصاص لا يسقط به
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست