المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٩
والموجب للحرمة فيغلب الموجب للحرمة على الموجب للحل فان شرب رجل ماء فيه خمر فإن كان الماء غالبا بحيث لا يوجد فيه طعم الخمر ولا ريحه ولا لونه لم يحد لان المغلوب مستهلك بالغالب والغالب ماء نجس ولان الحد للزجر والطباع السليمة لا تدعو إلى شرب مثله على قصد التلهي فاما إذا كان الخمر غالبا حتى كان يوجد فيه طعمه وريحه وتبين لونه حددته لان الحكم للغالب والغالب هو الخمر ولان الطباع تميل إلى شرب مثله للتلهي وقد يؤثر المرء الممزوج على الصرف وقد يشرب بنفسه صرفا ويمزج لجلسائه وهو وان مزجه بالماء لم يخرج من أن يكون خمرا اسما وحكما ومقصودا ولو لم يجد فيه ريحها ووجد طعمها حد لان الرغبة في شربها لطعمها لا لريحها (ألا ترى) انه تكلف لاذهاب ريحها ولزيادة القوة في طبعها ولو ملا فاه خمرا ثم مجه ولم يدخل جوفه منها شئ فلا حد عليه لأنه ذاق الخمر وما شرب (ألا ترى) انه لا يحنث في اليمين المعقودة على الشرب بهذه وان الصائم لو فعله مع ذكره للصوم لا يفسد صومه وكذلك الطبع لا يميل إلى هذا الفعل فلا يشرع فيه الزجر بخلاف شرب القليل فإنه من جنس الشرب والطبع مائل إلى شرب الخمر قلت والتمر المطبوخ يمرس فيه العنب فيغليان جميعا والعنب غير مطبوخ قال أكره ذلك وأنهى عنه ولا أحد من شرب منه إلا أن يسكر والكلام في فصلين أحدهما في طبخ العنب قبل أن يعصر فان الحسن روى عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه بمنزلة الزبيب والتمر يكفي أدنى الطبخ فيه ولكن الحسن ابن أبي مالك رحمه الله أنكر هذه الرواية وقال سمعت أبا يوسف عن أبي حنيفة يقول إنه لا يحل ما لم يذهب ثلثا ما فيه بالطبخ وهو الأصح لان الذي في العنب هو العصير والعصر مميز له عن الثفل والقشر وكما لا يحل العصير بالطبخ ما لم يذهب منه ثلثاه فكذلك العنب فان جمع في الطبخ بين العنب والتمر أو بين الزبيب والتمر لا يحل ما لم يذهب بالطبخ ثلثاه بخلاف ما لو خلط عصير العنب بنقيع التمر والزبيب وهذا لان العصر لا يحل بالطبخ ما لم يذهب ثلثاه إذا كان وحده فكذلك إذا كان مع غيره لأنه اجتمع فيه الموجب للحل والحرمة وفى مثله يغلب الموجب للحرمة احتياطا وذكر المعلى في نوادره أن نقيع التمر والزبيب إذا طبخ أدنى طبخه ثم نقع فيه تمر أو زبيب فإن كان ما نقع فيه شيئا يسيرا لا يتخذ النبيذ من مثله فهو معتبر ولا بأس بشربه وإن كان يتخذ النبيذ من مثله لم يحل شربه ما لم يطبخ قبل أن يشتد لأنه في معنى نقيع مطبوخ ولو صب في المطبوخ قدح من نقيع لم يحل شربه إذا اشتد ويغلب الموجب للحرمة
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156