المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٧
المسكر هو الكاس الأخير وانه مباين في الحكم لما ليس بمسكر منه وهو كمن شرب أقداحا من ماء ثم شرب قدحا من الخمر فالمحرم عليه الخمر وبها يلزمه الحد دون ما سبق من الأقداح فهذا مثله فإن كان يسكر بشرب الكثير منه فذاك لا يدل على أنه يحرم تناول القليل منه كالبنج ولبن الفرس وأما الحديث فنحن نقول به وكل مسكر عندنا حرام وذلك القدح الأخير وروى عن أبي يوسف أنه قال في تأويله إذا كان يشرب على قصد السكر فان القليل والكثير على هذا القصد حرام فاما إذا كان يشرب لاستمراء الطعام فلا فهو نظير المشي على قصد الزنا يكون حراما وعلى قصد الطاعة يكون طاعة وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام ما أسكر كثيره فقليله حرام هو على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح الأخير الذي هو مسكر قليله وكثيره حرام ثم هذا عند التحقيق دليلنا فبهذا يتبين ان ما هو الكثير منه يكون مسكرا فالمحرم عليه قليل من ذلك الكثير وإنما يكون ذلك إذا جعلنا المحرم هو القدح الأخير فاما إذا جعلنا الكل محرما فلا يكون المحرم قليلا من ذلك الكثير كما اقتضاه ظاهر الحديث ثم قد بينا أن هذا كان في الابتداء لتحقيق الزجر ثم جاءت الرخصة بعد ذلك في شرب القليل منه ومهما أمكن الجمع بين الآثار فذلك أولى من الاخذ ببعضها والاعراض عن بعضها ولا بأس بنبيذ التمر والبسر جميعا أو أحدهما واحده إذا طبخ لان البسر من نوع التمر فإنه يابس العصب وقد بينا ان المطبوخ من نبيذ التمر شربه حلال والمسكر منه حرام وكذلك التمر والزبيب أو البسر والزبيب وهو شراب الخليطين وقد بينا الكلام فيه وبعد ما طبخ معتقه وغير معتقه سواء في إباحة الشرب يعنى المشتد منه وغير المشتد منه والمحرم المسكر منه وذلك بغير المشتد لا يحصل ولو حصل كان محرما أيضا بمنزلة الأكل فوق الشبع ولا بأس بهذه الأنبذة كلها من العسل والذرة والحنطة والشعير والزبيب والتمر وكل شئ من ذلك أو غيره من النبيذ عتق أو لم يعتق خلط بعضها ببعض أو لم يخلط بعد أن يطبخ أما الكلام في نبيذ التمر والزبيب فقد بيناه وأما في سائر الأنبذة ففي ظاهر الجواب لا بأس بالشرب منه مطبوخا كان أو غير مطبوخ وفى النوادر روى هشام عن محمد رحمهما الله ان شرب النئ منه بعد ما اشتد لا يحل لقوله عليه الصلاة والسلام الخمر من خمسة من النخل والكرم والحنطة والشعير والذرة وليس المراد به أنه خمر حقيقة وإنما المراد التشبيه بالخمر في أنه لا يحل شربه وقد ثبت بالدليل ان النئ من نقيع الزبيب والتمر إذا كان مشتدا لا يحل شربه فكذلك من سائر الأشربة لان
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156