المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٥١
والابراء من كل واحد منهما باعتبار أن تصرفه محلا هو حقه وإذا أسلم رجلان عشره دراهم في كر حنطة فنقد هذا من عنده خمسة وهذا من عنده خمسه ولم يخلطا العشرة ثم صالح أحدهما على رأس ماله وأخذه فهو جائز ولا يشركه الآخر فيه في قول أبى يوسف رحمه الله لان أصل رأس المال لم يكن مشتركا بينهما ولم يذكر قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله في هذا الكتاب وقد ذكر في كتاب البيوع أن الصلح من أحد ربى السلم يتوقف على إجازة الآخر عندهما فمن أصحابنا رحمهم الله من يقول هذا على الخلاف أيضا إذ لا فرق بين أن يكون رأس المال الذي نقداه مختلطا أو غير مختلط ومنهم ممن يقول بل جوابها هنا كجواب أبى يوسف رحمه الله وهذا لاختلاف الطرق لهما في تلك المسألة فعلى الطريق الذي قلنا إن وجوب المسلم فيه باعتبار عقدهما وكل واحد منهما فيه كشطر العلة الجواب في الفصلين واحد وعلى الطريق الذي قلنا إن تجويز صلح أحدهما يؤدى إلى أن يبطل حق رب السلم عن المسلم فيه ويتقرر في رأس المال ثم يعود في المسلم فيه هذا الجواب قولهم جميعا لان ذلك إنما يتحقق باعتبار مشاركة الساكت مع المصالح في المقبوض وليس له حق المشاركة هنا إذا لم يكن بنيهما شركة فيما نقدا من رأس المال ولو لم يأخذه من رأس المال وقبض شيئا من السلم شاركه صاحبه فيه لان طعام السلم وجب بالعقد مشتركا بينهما والعقد صفقة واحدة فيشارك أحدهما صاحبه فيما يقبض من الدين المشترك وإذا أسلم الذميان إلى ذمي في خمر ثم أسلم أحدهما بطلت حصته من السلم ورجع إليه رأس ماله لان اسلامه يمنعه من قبض الخمر بحكم السلم (ألا ترى) أن الخمر لو كانت مبيعا عينا بطل العقد باسلامه قبل القبض فإذا كانت مملوكة بالعقد دينا أولى فان صالح من رأس ماله على طعام بعينه أو إلى أجل لم يجز لان أصل السلم كان صحيحا فإنما عاد إليه رأس المال بعد صحة السلم ببطلان العقد فهو بمنزلة ما لو عاد إليه بالإقالة وقد بينا أن الاستبدال بالمال بعد الإقالة لا يجوز ولو ترى لنصراني مال من هذا السلم كان له أن يشارك المسلم فيما قبض من رأس المال لان أصل رأس المال كان مشتركا بينهما وقد عاد إلى أحدهما بصفة بطريق لا يمكن رده وهو الاسلام فيكون للاخر حق المشاركة معه في المقبوض إذا توى ماله على المسلم إليه من الخمر لان سلامة المقبوض له كانت بشرط أن يسلم ما بقي من الخمر للآخر وهو بمنزلة دين مشترك بين اثنين إذا صالح أحدهما المديون على شئ وأجاز الآخر اتباع المديون بنصيبه ثم توى ما عليه فإنه يكون له أن
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست