المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٣
تصحيحه في الحال لأنه غير معلوم الوجود والتقوم فكان كالصداق من هذا الوجه ثم على القاتل الدية لان فساد التسمية لا يمنع سقوط القود كما أن فساد التسمية لا يمنع صحة النكاح وإذا سقط القود وجبت الدية لان الولي ما رضى بسقوط حقه مجانا وقد صار مغرورا من جهة القاتل بما سمى له فيرجع عليه ببدل ما سلم له وهو العصمة والتقوم في نفسه وبدل النفس الدية ولو صالحه على ما في نخله من ثمرة جاز لان الثمرة الموجودة تستحق صداقا وتستحق مبيعا فيجوز الصلح عليها أيضا بخلاف ما إذا صالح على ما يحمل نخله العام ولو صالحه على أن عفى الآخر عن قصاص له قبل رجل آخر كان جائزا لان كل واحد منهما أسقط حقه عما له من القود وكل واحد منهما متقوم صالح للاعتياض عنه فيجوز أن يجعل أحدهما عوضا عن الآخر وهذا بخلافه فان القصاص لا يصلح أن يكون صداقا لان الشرط في الصداق أن يكون مالا قال الله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم) والقصاص ليس بمال وهنا الشرط أن يكون ما يستحق بالصلح متقوما وذلك موجود في القصاص كما قررنا (ألا ترى) أنه لو صالح عن القود على أقل من عشرة دراهم يجوز وإن كان ما دون العشرة لا يستحق صداقا ولو قطع رجل يد رجل عمدا فصالحه على خمر أو خنزير أو على حر وهو يعرفه فهو عفو ولا شئ للمقطوعة يده لأنه أسقط حقه بغير عوض فالخمر والخنزير والحر ليس بمال متقوم فلا يكون هو باشتراطه طالبا للعوض عن اسقاط القود ولم يصر مغرورا من جهة القاطع فلا يرجع عليه بشئ كما في الخلع إذا خالع امرأته على خمر أو خنزير أو حر وهذا بخلاف النكاح فإنه لو تزوجها على خمر أو خنزير أو حر كان لها مهر مثلها لان استحقاق مهر المثل هناك باعتبار صحة النكاح لا باعتبار تسمية العوض حتى لو لم يسم شيئا وجب مهر المثل في الخلع والصلح عن دم العمد استحقاق البدل باعتبار تسمية البدل حتى لو لم يسم له شيئا كان العفو مجانا وعلى هذا التحقيق يتبين أنه لا فرق فانا نجعل تسمية الخمر والخنزير وجودها كعدمها في المواضع كلها وهذا لأنه يتملك الزوج بالنكاح ما هو متقوم مصون عن الابتذال فلا يملك الا بعوض إظهار الخطر وهنا من له القود يسقط القود ولا يملك القاتل شيئا واسقاط القود غير مصون عن التبذل فلهذا لا يجب المال الا باعتبار تسمية عوض هو مال متقوم وكذلك لو صالح على أن يقطع رجله فهذا عفو مجانا لأنه لو لم يسم عوضا مالا هو متقوم فكان ذكره والسكوت عنه سواء ولو كان القتل خطأ كان عليه الدية لان هذا صلح من مال فيكون سائر صلح الديون إذا بطل بقي المال واجبا كان هو الدية ولو
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست