المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٨٢
ولا بأس بأن يجيب دعوة ذي القرابة لان هذا بين القربات ليس من صوالب القضاء عادة ولا صدق في ذلك كالأقارب إذا كان ذلك معروفا بينهم قبل تقلد القضاء ولا ينبغي له أن يضيف أحد الخصمين إلا أن يكون خصمه معه لما روينا من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك (قال) ولا يقبل الهدية وقبول الهدية في الشرع مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم نعم الشئ الهدية إذا دخلت الباب ضحكت الأسكفة وقال صلى الله عليه وسلم الهدية تذهب وجر الصدر أو وعر الصدر وقال صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا ولكن هذا في حق لم يتعين لعمل من أعمال المسلمين فأما من تعين لذلك كالقضاة والولاة فعليه التحرز عن قبول الهدية خصوصا ممن كأن لا يهدى إليه قبل ذلك لأنه من جوالب القضاء وهو نوع من الرشوة والسحت والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل ابن للثينة على الصدقات فجاء بمال فقال هذا لكم وهذا مما أهدى إلى فقال صلى الله عليه وسلم في خطبته ما بال قوم نستعملهم فيقدموا بمال ويقولون هذا لكم وهذا مما أهدى إلى فهلا جلس أحدكم عند حمش أمه فينظر أيهدى إليه أم لا واستعمل عمر رضي الله عنه أبا هريرة رضي الله عنه فقد بمال فقال من أين لك هذا قال تناتجت الخيول وتلاحقت الهداية قال أي عدو الله هلا قعدت في بيتك فنظر أيهدي إليك أم لا فأخذ ذلك منه وجعله في بيت المال فعرفنا أن قبول الهدية من الرشوة إذا كان بهذه الصفة ومن جملة الأكل بالقضاء ومما يدخل به عليه التهمة ويطمع فيه الناس فليتحرز من ذلك الا من ذي رحمه محرم منه فقد كان التهادي بينهم قبل ذلك عادة ولأنه من جوالب القرابة وهو مندوب إلى صلة الرحم وفي الرد معنى قطيعة الرحم وقطيعة الرحم من الملاعن فأما في حق الأجانب قبول القاضي الهدية من جملة ما يقال إذا دخلت الهدية من الباب خرجت الأمانة من الكوة ولا ينبغي له أن يخلو في منزله مع أحد الخصمين كما لا يسار أحد الخصمين ولا بأس بأن يقضى في منزله وحيث أحب لان عمل القضاء لا يختص بمكان ولأنه في كونه طاعة لا يكون فوق الصلاة وقد قال صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأحسن ذلك وأحب إلى أن يقضى حيث تقام جماعة الناس يعنى في المسجد الجامع أو غيره من مساجد الجماعات لان ذلك يكون أبعد عن التهمة ولأنه يتمكن كل واحد من أن يحضر مجلسه عند حاجته ولا يشتبه عليه موضعه ولا يحتاج إلى من يهديه إلى ذلك من الغرباء كان أو من أهل المصر ولا يقضي وهو يمشي ويسير على الدابة فانى أتخوف عليه من
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست