المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٣
روايته لأنه كان يشترط في الرواية الحفظ من حين سمع إلى أن يروى واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله نصر الله امرءا سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من يسمعها ومحمد رحمه الله في الفصول الثلاثة اخذ بالرخصة للتيسير على الناس وقال يعتمد خطه إذا كان معروفا وأبو يوسف رحمه الله في مسألة القاضي ورواية الحديث أخذ بالرخصة لان المكتوب كان في يده وفي مسألة الشهادة أخذ بالعزيمة فقال الصك الذي فيه الشهادة كان في يد الخصم فلا يأمن الشاهد التغيير والتبديل فيه فلا يعتمد خطه في الشهادة ما لم يتذكر الحادثة وان وجد القاضي سجلا في خريطته ولم يتذكر الحاجة فهو على الخلاف الذي بينا وان نسي قضاءه ولم يكن سجل فشهد عنده شاهد أنك قضيت بكذا لهذا على هذا فان تذكر أمضاه وإن لم يتذكر فلا اشكال أن على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يقضي بذلك وقيل على قول أبى يوسف رحمه الله لا يعتمد ذلك وعند محمد رحمه الله يعتمد ذلك فيقضى به وعلى هذا من سمع من غيره حديثا ثم نسي ذلك راوي الأصل فسمعه ممن يروى عنده فعند أبي يوسف رحمه الله ليس له أن يعتمد رواية الغير عنه كما لا يفعل ذلك شاهد الأصلي إذا شهد عنده شاهد الفرع على شهادته وعند محمد رحمه الله له أن يعتمد ذلك للتيسر من الوجه الذي قلنا وعلى هذه المسائل التي اختلف فيها أبو يوسف ومحمد رحمهم الله في الرواية في الجامع الصغير وهي ثلاثة مسائل سمعها محمد من أبى يوسف رحمهما الله ثم نسي ذلك أبو يوسف رحمه الله فكأن لا يعتمد رواية محمد رحمه الله بناء على مذهبه في ذلك ومحمد رحمه الله كأن لا يدع الرواية مع ذلك بناء على مذهبه فحال القاضي كذلك وما وجد في ديوان القاضي بعد أن يعدل من شهادة أو قضاء أو اقرار فهو غير مأخوذ به ولا مقبول إلا أن يقوم بينة أنه قضى به وأنفذه وهو قاضي يومئذ لان القاضي الثاني لا يعلم حقيقة شئ من ذلك وولاية القاضي فوق ولاية الشهادة فإذا كان لا يجوز للمرء أن يشهد بما لا يعلم فلا يجوز له أن يقضى بما لا يعلمه أولى والأصل فيه قوله تعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون وقال صلى الله عليه وسلم للشاهد إذا رأيت مثل هذه الشمس فاشهد والا فدع ثم طريق اثباته عند القاضي إقامة البينة ويشترط أن يشهدوا أنه كان قاضيا حين قضى بهذا فلعله أنفذه بعد العزل والقضاء منه بعد العزل لا يكون نافذا ولا ينبغي للقاضي أن يتخذ كاتبا من أهل الذمة * بلغنا أن أبا موسى الأشعري قدم على عمر رضي الله عنه ما فسأله عن كاتبه فقال هو رجل من أهل الذمة فغضب عمر رضي الله عنه من ذلك
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست