المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٧
حنيفة رحمه الله لا يكفي لان ذكر الصناعة ليس بشئ فقد يتحول الانسان من صناعة إلى صناعة فإن كان قد عرفهم بالصلاح كتب بذلك وإن لم يعرفهم وأخبر بذلك عنهم كتب به لان المقصود اعلام عدالتهم للقاضي المكتوب إليه ليتمكن من القضاء فالقضاء يقع بشهادتهم وان حلاهم فحسن وان ترك التحلية لم يضر لان المقصود وهو التعريف قد حصل بذكر الاسم والنسب إلا أنه إذا كان من رأى الكاتب أن يذكر التحلية فينبغي أن يذكر من ذلك مالا يشينه ولا يعير به في الناس فيتحرز عن ذكر ما يشينه فذلك نوع غيبة فان أراد الذي جاء به من المكتوب إليه أن يكتب به إلى قاض آخر فعله لان شهادة الشهود تثبت عنده بالكتابة فكأنه تثبت بسماعه منهم وكما جوزنا الكتاب من القاضي الأول للحاجة فكذلك نجوزه من الثاني لان الخصم قد يهرب إلى بلدة أخرى قبل قضاء المكتوب إليه بذلك عليه وإذا سمع القاضي شهادة الشهود وكتب بها إلى قاض آخر فلم يخرج الكتاب من يده حتى حضر المدعى عليه لم يحكم بذلك عليه لان سماعه الأول كان للنقل فلا يستفيد به ولاية القضاء كشاهد الفرع إذا استقصى بعد ما شهد الأصليان عنده وأشهداه على شهادتهما لم يجز له أن يقضى بذلك وهذا لأن جواز القضاء بالبينة والذي سمع شهادة لا بينة فالبينة ما يحصل البيان بها ولا يكون ذلك الا بمحضر من الخصم بعد انكاره أو سكوته القائم مقام انكاره فان أعاد المدعى تلك البينة بمحضر من الخصم فالآن يقضي له بها لان شرط قبول البينة للقضاء انكار الخصم وقد وجد ذلك حين أعادها وما تقدم من الأداء وجوده كعدمه وإذا وصل الكتاب إلى المكتوب إليه وقرأه بحضرة الخصم وشهد الشهود على الختم وما فيه وهو مما يختلف فيه الفقهاء لم ينفذه المكتوب إليه إلا أن يكون من رأيه كما إذا شهد الفروع عنده على شهادة الأصول وهذا بخلاف ما إذا كان الأول قد قضى به وأعطى الخصم سجلا فالثاني ينفذ ذلك وإن لم يكن من رأيه لان قضاء القاضي في المجتهدات نافذ (ألا ترى) أنه ليس للأول أن يبطل قضاءه وان تحول رأيه فكذلك ليس للثاني أن يبطل ذلك فأما في الكتاب الأول ما قضى بشئ (ألا ترى) أن له أن يبطل كتابه قبل أن يبعث به إلى الثاني وان الخصم لو حضر مجلسه لم يلزمه من ذلك شيئا فكذلك الثاني لا ينفذ كتابه إلا أن يكون ذلك من رأيه ولا يقبل كتاب القاضي في شئ من الحدود والقصاص لان ذلك مما يندرئ بالشبهات
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست