المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٩
قضي القاضي بالبينة على خصم حاضر فذلك قضاء على من أنتصب لهذا الحاضر خصما عنه فإذا جاء المولى وأنكر ذلك لم يلتفت إلى انكاره وكان من القضاء بالعتق ماضيا لان الحاضر بمنزلة الوكيل عن الغائب وهذا عندنا وقال زفر رحمه الله لا يقضى بالعتق حتى يحضر المولى ويقام عليه البينة لان المعتق مدعى عليه واستدل على زفر رحمه الله بما قال أرأيت لو ادعى قتل رجل أنه قطع يده عمدا أو ادعى عليه قذفا وميراثا وأقام البينة أن مولاه أعتقه وان هذا قطع يده بعد ذلك أو قدمه ألم أحكم عليه بما حكم به الحر على الحر فيكون ذلك قضاء على مولاه وإن كان غائبا وكذلك لو أقام رجل البينة على عبد أن مولاه أعتقه وانه قطع يده بعد ذلك لو استدان منه دينا أو باعه أجزت ذلك وان جاء المولى فأنكر عتقه لم أكلفه إعادة البينة وزفر رحمه الله في هذا كله مخالف إلا أن من عادة محمد رحمه الله الاستشهاد بالمختلف على المختلف لايضاح الكلام والله أعلم بالصواب (باب الشهادة في الشراء والبيع) (قال رحمه الله وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل وشهد شاهدان وإن لم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة) لان الدعوى ان كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة وان كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم تشهد بما ادعاه المدعى ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى لأنه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر بالقضاء بدون تسمية الثمن ولا يمكنه أن يقضى بالثمن حين لم تشهد به الشهود وكذلك لو سمى الثمن واختلفا في جنسه أو في مقداره لان المدعى يكذب أحدهما لا محالة ولان كل واحد منهما يشهد بعقد غير ما يشهد به صاحبه فالبيع بالدنانير غير البيع بالدراهم ولا يتمكن القاضي من القضاء بواحد من العقدين لانعدام شهادة شاهدين عليه وكذلك إذا شهد أحدهما بالبيع بألف والاخر بالبيع بألف وخمسمائة ويستوى إن كان البائع هو المدعى للبيع أو الشراء وفي الخلع ان كانت المرأة هي التي تدعى فكذلك الجواب لأنها تكذب أحد الشاهدين وإن كان الزوج هنا المدعى في الخلع فشهد أحد الشاهدين على الف والاخر على الف وخمسمائة فشهادتهما مقبولة في مقدار الألف لان الفرقة وقعت باقرار الزوج وهذا منه دعوى الدين عليها في الحاصل وقد اتفق الشاهدان على الألف لفظا
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست