المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٥
ذلك مما عاين وإذا تزوج امرأة نكاحا ظاهرا ودخل بها علانية وأقام معها أياما ثم ماتت فإنه يسع الجيران ان يشهدوا على أنها امرأته وإن لم يشهدوا النكاح لأنه اقترن بالنكاح ما أوجب تشهيره أرأيت لو كان بينهما ولد أما كان يسعهم أن يشهدوا انه ولدهما وإن لم يعاينوا الولادة فإذا كان يجوز هذا فيما ينبنى على النكاح فكذلك في النكاح وإذا شهد شاهدان أن فلانا مات وترك هذه الدار ميراثا لفلان ابنه هذا لا يعلمون له وارثا غيره لم يدركوا فلانا الميت فشهادتهم باطلة لأنهم يشهدون بالملك للميت فان الوراثة خلافة فما لم يثبت الملك للميت لا يخلفه وارثه فيه ولا تجوز الشهادة على الملك بالتسامع وإذا كان القاضي يعلم أنهم لم يدركوا فلانا الميت فقد علم أنهم جازفوا في هذه الشهادة وبهذا يستدل أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله في مسألة الولاء فيقولان ان الولاء بالعتق لا يثبت للعتق إلا أن يكون مالكا فهم يشهدون بالملك له أو لا ولا تجوز الشهادة على الملك بالتسامع ولهذا قال كثير من مشايخنا رحمهم الله في الوقف ان الشهادة عليه بالتسامع ممن لا يدرك الواقف لا تقبل لأنه ما لم يثبت الملك للواقف لا يثبت الوقف من جهته والشهادة على الملك بالتسامع لا تجوز الا ان أكثرهم على جواز ذلك في الوقف استحسانا للضرورة الداعية إلى ذلك وتحقيق مقصود الواقف وهو التأييد في صدقته ولو شهدوا على دار في يدي رجل أنها دار جد هذا المدعى وخطته وقد أدركوا الحد لم تجز شهادتهما حتى يجيزوا المواريث لان المدعى يحتاج إلى اثبات سبب انتقال الملك إليه من الجد وبثبوت الملك للجد لا يحصل هذا المقصود ولا يتمكن القاضي من القضاء له حتى يجيزوا المواريث ولو شهد على اقرار الذي في يديه انها دار جد هذا أجزت ذلك وجعلتها له إن لم يكن له وارث غيره لان الثابت من اقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة وهذا لان الاقرار موجب بنفسه قبل أن يتصل به القضاء بخلاف الشهادة فإنها لا توجب شيئا الا بقضاء القاضي ولا يتمكن القاضي من القضاء الا بسبب ثابت عنده ونظير هذه المسألة ما بينا في كتاب الدعوى أنهم إذا شهدوا أنها كانت لابنه وقد مات أبوه لا يقضى له بشئ الا في قول أبى يوسف الاخر بخلاف ما إذا شهدوا على اقرار ذي اليد بأنها كانت لابنه وكذلك لو شهدوا انها كانت من يد المدعى لا يستحق بهذا شيئا بخلاف ما إذا شهدوا على اقرار ذي اليد انها كانت في يد المدعى وفى الكتاب أشار إلى الفرق وقال إذا أقر ذو اليد بهذا فقد أخرجها من نصيبه فيخرجها من يده إلا أن يأتي ببينة بحق له فيها وإذا أخرجناها من يده فلا مستحق لها سوى المدعي فتدفع
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست