المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥١
عليه معاينة السبب ولو نظر إلى رجل مشهود باسمه ونسبه غير أنه لم يخالطه ولم يتكلم معه وسعه أن يشهد انه فلان ابن فلان لحصول نوع علم له بالاشتهار وكذلك إذا رأى انسانا في مجلس القضاء يقضى بين المسلمين فهو في سعة من الشهادة على أنه قاضيا لحصول العلم له بذلك الاشهاد والشهادة إنما تجب عليه بالعلم لا بالتكلم والمخالطة فإذا حصل العلم له بالاشهاد حل له أداء الشهادة ولو مات رجل فأقام آخر البينة أن الميت فلان ابن فلان وانه فلان ابن فلان حتى يلتقوا إلى أب واحد وهو عصبته وأقاربه لا يعلمون له وارثا غيره قضيت له بالميراث لأنه أثبت سبب الوراثة مفسرا بالحجة فان جاء آخر وأقام البينة أن الميت ابنه ولد على فراشه وان هذا أبوه لا وارث له غيره جعلت الميراث لهذا وأبطلت القضاء للأول لان البينة الثابتة طاعنة في البينة الأولى دافعة لها فإنه يتبين بها أن الأول لم يكن خصما في اثبات نسب الميت وانه كان محجوبا عن الميراث بمن هو أقرب منه ولا تقبل البينة من غير خصم فلهذا يبطل القضاء الأول وان أقام الثاني البينة ان الميت فلان ابن فلان ونسبه إلى أب آخر وقبيلة أخرى وانه فلان ابن فلان ابن عمه إلى أب واحد لا وارث له غيره لم أحول النسب بعد أن يثبت من فخذ ومن أب إلى أن يجئ من هو أقرب من الذي جعلت له الميراث لان البينة الثانية ليست بطاعنة في الأولى ولكنها معارضة للأولى وعند المعارضة الأولى ترجح الأولى لاتصال القضاء بها فلا تقبل البينة الثانية لان الجمع بينهما متعذر والقضاء النافذ لا يجوز ابطاله بدليل مشتبه وهو كمن ادعى دابة في يد انسان أنها له ثم أقام البينة فقضي القاضي بها له ثم أقام ذو اليد البينة أنها لو لم يقبل ذلك منه ولو أقام البينة على النتاج قبل ذلك منه لأن هذه البينة طاعنة في البينة الأولى دافعة لها وكذلك أن أقام رجل البينة على نكاح امرأة بتاريخ وقضى القاضي له بذلك ثم أقام آخر البينة على نكاحه بذلك التاريخ أيضا لم تقبل ولو أقام البينة على النكاح بتاريخ سابق قبلت بينته لأنها طاعنة في البينة الأولى وإذا شهد شاهد أن هذا أعتق فلانا وانه مولاه وعصبته لا وارث له غيره فإن كان قد أدرك المعتق وسمع العتق به فشهادتهما جائزة وان كأن لم يدركاه ولم يسمعا العتق منه لم تجز شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي رواية أبى حفص رحمه الله فلا وهذا قول محمد وهو قول أبى يوسف الأول رحمهما الله ثم رجع أبو يوسف رحمه الله فقال إذا شهدوا على ولاء مشهور فهو كشهادتهم بالنسب وإن لم يسمعوا ذلك منه ولم يدركوه لان الولاء كالنسب ثم الشهادة على النسب بطريق التسامع والشهرة
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست