المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٠
واستحسانهم (ألا ترى) انا نشهد ان عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ماتا ولم ندرك شيئا من ذلك ونشهد أن فاطمة رضي الله عنها زوجة علي رضي الله عنه وان أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه ونشهد ان شريحا رضي الله عنه كان قاضيا ونشهد أنهم قد ماتوا ولم ندرك شيئا من ذلك ثم هذه أسباب يقضون بها على ما يشتهر فان النسب يشتهر فيها بالتهنئة والموت بالتعزية والنكاح بالشهود والوليمة والقضاء بقراءة المنشور فنزلت الشهرة منزلة العيان في إفادة العلم بخلاف الأموال وغيرها * يوضحه ان هذه الأمور قل ما يعاين سببها حقيقة فسبب النسب الولاة ولا يحضرها الا القابلة وسبب القضاء تقليد السلطان ولا يعاين ذلك الا الخواص من الناس والميت أيضا قل ما يعاينه كل أحد والنكاح كذلك أنما يحضره الخواص من الناس فلو لم تجز الشهادة عليها بالتسامع أدى إلى الحرج بخلاف البيوع وغيرها فإنه كلام يسمعه كل واحد وسبب الملك هو اليد وهو مما يعاينه كل أحد والنكاح كذلك أنما يحضره الخواص فلهذا لا تجوز الشهادة عليها بالتسامع ثم الاحكام التي تتعلق بهذه الأشياء الأربعة تبقى بعد انقضاء قرون فلو لم تجز الشهادة عليها بالتسامع لتعطلت تلك الأحكام بانقضاء تلك القرون ولهذا قلنا في الصحيح من الجواب ان الشهادة على أصل الوقف بالتسامع جائزة ولكن على شرائط الوقف لا تجوز الشهادة بالتسامع لان أصل الوقف يشتهر فأما شرائطه لا تشتهر ولابد للشاهد من نوع علم ليشهد فإن كان الشاهد لا يعرف الرجل إلا أن المدعي أخبره بذلك أو شهد به عنده رجل ما ينبغي له أن يشهد حتى يكون النسب مشهورا أو شهد به عنده رجلان عدلان لئلا يقول المدعى بشهادة رجل واحد عنده لا يحصل الاشتهار ولا يتم شرعا وإنما ثبت له العلم هنا بالاشتهار عرفا أو شرعا فالاشتهار عرفا بأن يعلمه أكثر الناس والاشتهار شرعا بشاة رجلين (ألا ترى) ان الاعلام في النكاح شرط ويكون ذلك شرعا بشهادة رجلين الا ان فيما يتردد بين الصدق والكذب لا بد من عدالة الرجلين كما في الشهادة عند القاضي فإذا شهد بذلك عنده رجلان فقد وجد الاشهاد عنده شرعا وولاية الشهادة دون ولاية القضاء فإذا كان يجوز للقاضي أن يقضى بشهادة رجلين عنده فلأن لا يجوز له إذا شهد عنده به رجلان عدلان أولى ولو قدم عليه رجل من بلد آخر وانتسب له وأقام معه دهرا لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يلقى من أهل بلده رجلين عدلين ممن يعرفه يشهدان له على ذلك ثم يسعه الشهادة عليه لأنه يحصل له بذلك نوع علم وذلك كاف فيما لا يشترط
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست