المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٨٢
فكذلك هذا المال. قال (وإذا وهب للواهب شيئا ولم يقل هذا عوض من هبتك فللواهب أن يرجع في هبته) لأنه لما لم يضف تمليكه إلى هبته كان فعله هبة متبدأة لا تعويضا فلكل واحد منهما أن يرجع فيه ولان سقوط حق الرجوع لحصول مقصود الواهب وإنما يعلم ذلك إذا بين له أنه عوض ويرضى به فأما بدونه لا يحصل المقصود * وان قال قد كافيتك هذا من هبتك أو جازيتك أو أثبتك كان عوضا) لان المقصود يحصل بهذه الألفاظ والغرور يندفع. قال (وان عوض من نصف الهبة شيئا كان له أن يرجع فيما بقي اعتبار للبعض بالكل) وهذا لان التعويض مما يحتمل التحري في الموهوب فإذا أضاف العوض إلي بعض الهبة اقتصر حكمه عليه بخلاف الطلاق والنكاح فإنه لا يحتمل التحري في المحل ويجوز أن يثبت حق الرجوع في النصف دون النصف ابتداء كما لو وهب منه النصف وتصدق عليه بالنصف فلان يجوز ذلك بقاء أولى. قال (وليس للواهب أن يرجع في هبته عند غير قاض إلا أن يرد عليه الموهوب له فيجوز) لما بينا أن الرجوع في الهبة مختلف فيه بين العلماء رحمهم الله منهم من رأى ومنهم من أبى وفى أصله وهي فيكون الفصل بينهما في القضاء والرضا لان الواهب إن كان يطالب بحقه فالموهوب له يمنع ملكه والملك مطلق له ذلك فلا بد من اعتبار قضاء القاضي بينهما. قال (ولو كانت الهبة عبدا فباعه الوهوب له أو أعتقه قبل أن يقضى به القاضي للواهب أجاز ما صنع الموهوب له فيه من ذلك) لان ملكه قائم ما لم يقض القاضي عليه بالرجوع والملك في المحل منفذ للبيع فيه والعتق إذا صدر من أهله في محله ينفذ ولا يجوز ذلك أن فعله بعد قضاء القاضي عليه بالرد قبل أن يرده لان بقضاء القاضي عاد العبد إلى ملك الواهب وتصرف ذي اليد في ملك الغير لا يكون نافذا إلا أن يجيز المالك. قال (وان مات في يد الموهوب له قبل أن يقبضه الواهب بعد ما قضى القاضي له لم يكن للواهب ان يضمنه قيمته) لان أصل قبضه لم يكن موجبا ضمان المقبوض عليه واستدامة الشئ معتبر بأصله وكذلك منعه قبل قضاء القاضي منع بسبب ملكه فلا يكون موجبا للضمان عليه ولم يوجد بعد القضاء في الموهوب سبب موجب للضمان عليه والضمان لا يجب بدون السبب إلا أن يكون صنعه بعد القضاء وقد طلب منه الواهب فهذا المنع يتقرر بسبب الضمان وهو قصر يد المالك عن ملكه بإزالة تمكنه من اخذه وهو حد الغصب الموجب للضمان. قال (فإن كانت الهبة هالكة أو مستهلكة أو خارجة من ملك الموهوب له إلى ولده الصغير أو
(٨٢)
مفاتيح البحث: المنع (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست