المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧
بايجابه وقد وجد ذلك في الثانية كالأولى وان أصابها شئ من هذه العيوب في اضطرابها حين أضجعها للذبح وذبحها على مكانها ففي القياس لا تجزئه لأنه تأدى الواجب بالأضحية لا بالاضجاع وهي معيبة عند التضحية بها وفي الاستحسان تجزئه لان هذا لا يستطاع الامتناع منه فقد ينقلب السكين من يده فتصيب عينها فيجعل ذلك عفوا لدفع الحرج ولأنه أضجعها ليتقرب باتلافها فتلف جزء منها في هذه الحالة من عمل التقرب فلا يمنع الجواز بخلاف ما قبل الاضجاع وعن أبي يوسف قال إذا أصابها ذلك في يوم النحر ثم ضحى بها بعد ذلك بيوم أو يومين جاز لأنه جاء وقت اتلافها تقربا فتلف جزء منها في هذه الحالة لا يمنع الجواز قال (ولا يجوز أن يضحى بشاة ليس لها أذنان خلقت كذلك وهي السكاء) لان قطع الاذن لما كان مانعا من الجوز فعدم الاذن أصلا أولى بعض فأما صغيرة الاذن تجزى لان الاذن منها صحيحة وان كانت صغيره وأما الهتماء فكان أبو يوسف رحمه الله يقول أولا لا يجوز أن يضحى بها وان كانت تعتلف ثم رجع وقال يجوز إذا كانت تعتلف لأنه وقع عنده في أن يضحى بها لان الهتماء ليس لها أسنان ثم علم بعد ذلك أن الهتماء مكسورة بعض الأسنان فإذا كانت تعتلف فالباقي من الأسنان أكثر من الذاهب وذلك لا يمنع الجواز عنده ثم قال والتي لا أسنان لها بمنزلة التي لا اذن لها فكل واحد منهما مقصود في البدن بل السن في الانعام أقرب إلى المقصود من الاذن لأنها تعتلف بالأسنان.
قال (ولا يجوز في الضحايا والواجبات بقر الوحش وحمر الوحش والظبي) لان الأضحية عرفت قربة بالشرع وإنما ورد الشرع بها من الانعام ولان إراقة الدم من الوحشي ليس بقربة أصلا والقربة لا تتأدى بما ليس بقربة وإذا كان الولد بين وحشي وأهلي فإن كانت الأم أهلية جازت التضحية بالولد وان كانت وحشية لا تجوز لان الولد جزء من الأم فان ماء الفحل يصير مستهلكا بحضانتها وإنما ينفصل الولد منها ولهذا يتبعها في الرق والملك فكذلك في التضحية وهذا لأنه ينفصل من الفحل وهو ماء غير محل لهذا الحكم وينفصل من الأم وهو حيوان محل لهذا الحكم فلهذا جعلناه معتبرا بالأم. قال (رجل ذبح أضحية غيره بغير إذنه ففي القياس هو ضامن لقيمتها ولا يجزيه من الأضحية) وهو قول زفر لأنه متعد في ذبح شاة الغير فكان ضامنا كمن ذبح شاة القصاب ثم الأضحية لا تتأدى الا بعمل المضحي وبيته ولم يوجد ذلك حين فعله الغير بغير إذنه ففي القياس هو ضامن لقيمتها ولا يجزيه من الأضحية. ولكنا نستحسن ونقول يجزئه ولا ضمان علي الذابح لأنه لما عينها للأضحية فقد صار مستغنيا بكل واحد
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست