المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١١٧
المعنى فساد البيع عند عدم المماثلة التي هي واجبة وإذا ثبت ان الحكم وجوب المماثلة ولا يتصور ثبوت الحكم بدون محله عرفنا ان المحل الذي لا يقبل المماثلة لا يكون مال الربا أصلا والحفنة والتفاحة لا تقبل المماثلة بالاتفاق فلم يكن مال الربا والدليل عليه أن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم ما نص على حكم الربا الا مقرونا بالمخلص فكل علة توحب الحكم في محل لا يقبل المخلص أصلا فهي علة باطلة والطعم بهذا الصفة فإنها توجب الحكم في الرمان والسفرجل ولا يتصور فيه المخلص وكذلك قوله لا تبيعوا البر بالبر الا سواء بسواء كلام مقيد بالاستثناء والمستثنى من جنس المستثنى منه لان الاستثناء لاخراج ما لولاه لكان الكلام متناولا له وإن كان المستثنى الكثير القابل للماثلة لا يتناوله الحديث أصلا فان قال هو استثناء مقطوع بمعنى لكن أي جعلتموه سواء بسواء فبيعوا أحدهما بالآخر قلنا هذا مجاز ولا يترك العمل بالحقيقة إلا عند قيام الدليل وباعتبار الحقيقة يتبين أن حكم النص وجوب المماثلة فيما يختص بمحل قابل للمماثلة والدليل عليه أنه لو باع قفيز حنطة يملكه بقفيز حنطة رخوة أو قد أكلها السوس يجوز وقد تيقنا بفضل في الذات ومع ذلك جاز العقد لوجود المماثلة في القدر فان قال سقط اعتبار الفضل القائم في الذات لوجود المساواة في القدر قلنا هذا جائز ولكن عند قيام الدليل فإذا أمكن أن يجعل الحكم في الذات وجوب المماثلة والفضل الذي هو ربا بعد تلك المماثلة فلا حاجة بنا إلى اسقاط ما هو موجود حقيقة خصوصا فيما إذا بنى أمره على الاحتياط وهو الربا والذي قال إن الاسم غير عما عليه مقتضي اللغة ممنوع فإنه دعوى المجاز أيضا فلا يمكن اثباته أيضا الا بدليل فاما حديث عمر رضي الله عنه فله تأويلان (أحدهما) أن المراد بقوله وان من الربا أبوابا لا يكدن يخفين على أحد. منها السلم في السن ما كانوا اعتادوا في الجاهلية أن الواحد منهما يسلم في ابنة مخاض فإذا حل الاجل زاده في السن وجعله ابنة لبون ليزيده في الاجل ثم يزيده إلى سن الحقة والجذعة وفي ذلك نزل قوله تعالى (ولا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) فتلك الزيادة خالية عن عوض هو مال ولهذا قال إنه من الربا الذي لا يكاد يخفى على أحد (والثاني) أن المراد السلم في الحيوان والحيوان مما يتفاوت والمسلم فيه دين فإنما يصير معلوما بذكر الوصف ورأس المال بمقابلة الأوصاف المذكورة عند العقد ثم عند القبض يتمكن التفاوت في المالية بين المقبوض والموصوف عند العقد لا محالة فتلك الزيادة كأنها خالية عن عوض هو مال ولهذا جعل
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست