المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٩
فرق بين أن يتعذر ذلك بتوحشه بين أن يتعذر سقوطه في مهوى فان ابن عمر رضي الله عنهما مع زهده وتفرده رغب في الشراء منه والعسير تصغير العسير وقد روى عشيراء وهو سواد البطن والأول أصح (وعن) إبراهيم رحمه الله قال إذا تردى بعير في بئر ولم يقدروا أن ينحروه فمن حيث نحر فهو له ذكاة. ففي هذا بيان أن السنة في البعير النحر وفي البقر والغنم الذبح وبه نطق الكتاب قال الله تعالى (فصل لربك وانحر) وقال الله تعالى (ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) وقال الله تعالى (وفديناه بذبح عظيم) والمراد الشاة والذي جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحرنا البدنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبعة والبقرة عن سبعة معناه وذبحنا البقرة عن سبعة ومثل هذا الاضمار مع العطف معلوم في لسان العرب قال القائل * علقتها تبنا وماء باردا * أي وسقيتها ماء باردا لأن الماء لا يعلف وعن علي رضي الله عنه قال ذكاة السمك والجراد أخذه و مراده بيان أن الذكاة ليست بشرط فيهما بل يثبت الحل فيهما بالأخذ من غير ذكاة ألا ترى أنه لا تثبت الحرمة بكون الآخذ مجوسيا أو وثنيا وما يشترط فيه الذكاة يشترط فيه الأهلية للمذكى وحيث لم يشترط في السمك والجراد عرفنا ان الذكاة فيهما ليست بشرط كما قال صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان وسئل علي رضي الله عنه عن الجراد يأخذه الرجل من الأرض وفيه الميت وغيره قال كله كله وفي بعض الروايات كله كله اللفظ الأول تكرار للمبالغة والثاني بيان أنه يؤكل كله وبه نأخذ وان الجراد وان وجد ميتا فلا بأس بأكله لان موته لابد أن يكون بسبب فإنه بحري الأصل برى المعاش كما قيل إن بيض السمك إذا انحصر عنه الماء يصير جرادا فإذا مات في البر فقد مات في غير موضع أصله وإذا مات في الماء فقد مات في غير موضع معاشه وذلك سبب لموته والدليل على إباحة أكل الجراد ما روى أن مريم رضي الله عنه ا سألت لحما هشا فرزقت الجراد وأن عمر رضي الله عنه كان مولعا بأكل الجراد حتى قال يوما في مجلسه ليت لنا قصعة من جراد فنأكله أو قال نقعة (وعن) عمرة قالت خرجت مع وليدة لنا فاشترينا خريتة بقفيز من حنطة فوضعناها في زنبيل فخرج رأسها من جانب وذنبها من جانب فمر بنا علي رضي الله عنه فقال لي بكم أخذت فأخبرته فقال ما أطيبه وأرخصه وأوسعه للعيال ففي هذا الحديث دليل على أن الجراد مأكول وبه نأخذ وهو مروى عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنه سئل عن الخريت فقال فأما نحن فلا نرى به بأسا فأما أهل
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست