المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٣٤
روى فيه نهى فلان الخيل كانت قليلة فيهم وكان سلاحا يحتاجون إليه في الحرب فلهذا نهاهم عن أكله لا لحرمته وحجة أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ذلك قوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة الآية فقد من الله تعالى على عباده بما جعل لهم من منفعة الركوب والزينة في الخيل ولو كان مأكولا لكان الأولى بيان منفعة الأكل لأنه أعظم وجوه المنفعة وبه بقاء النفوس ولا يليق بحكمة الحكيم ترك أعظم وجوه المنفعة عند إظهار المنة وذكر ما دون ذلك ألا ترى أنه في الانعام ذكر الأكل بقوله تعالى ومنها تأكلون ولأنه ضم الخيل إلى البغال والحمير في الذكر دون الانعام والقرآن في الذكر دليل القرآن في الحكم وبنحوه استدل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حين كره لحم الخيل كما روى عنه في الكتاب وفى حديث خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الخيل والبغال والحمير وفي حديث المقدام بن معد يكرب رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حرام عليكم لحوم البغال والحمير والخيل. وقد بينا أن الدليل الموجب للحرمة يترجح فان ما كان من الرخصة محمول على أنه كان في الابتداء قبل النهى ولان نتاجه غير مأكول وهو البغل لان البغل نتاج الفرس والولد جزء من الأم وحكمه حكمها في الحل والحرمة فإذا لم يكن مأكولا عرفنا أن الخيل ليس بمأكول * ثم الخيل تشبه البغال والحمير من حيث أنه ذو حافر أهلي بخلاف الانعام فإنها ذوات خف لا ذوات حوافر وقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى الكراهة في سؤر الفرس كما في لبنه وإنما جعل يوله كبول ما يؤكل لحمه لمعنى البلوى فيه فللبلوى تأثير في تخفيف حكم النجاسة ومن قال الكراهة للتنزيه لا للتحريم قال إن الفرس كالآدمي من وجه ومن حيث إنه يحصل إرهاب العدو به ويستحق السهم من الغنيمة والآدمي غير مأكول لكرامته لا لنجاسة والخيل كذلك كره أكلها علي طريق التنزيه لمعنى الكرامة ولهذا جعل الخيل طاهرة السؤر وجعل بوله كبول ما يؤكل لحمه (وعن) إبراهيم رحمه الله تعالى قال لا بأس بثمن كلب الصيد وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن كلب الصيد وبه نأخذ فنقول بيع الكلب المعلم يجوز وعلى قول الشافعي رحمه الله لا يجوز بيع الكلب أصلا معلما كان أو غير معلم لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكب وحلوان الكاهن ومهر البغي وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب فلو كانت مالا متقوما لما أمر بذلك ولان
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست