المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٥
يد الرامي حيا لم يحل الا بالذبح فلهذا كان التردي من الجبل والوقوع في الماء محرما له * وعن عبد الله بن يزيد قال سألت سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه عن شئ كان قومي يصفونه بالبادية ينصبون السنان فيصبح وقد قتل الضبع فقال لي وانك ممن يأكل الضبع قلت ما أكلتها قط فقال رجل عنده حدثنا أبو الدرداء رضى الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي خطفة وهبة ومجثمة وعن كل ذي ناب من السباع فقال ابن المسيب رضى الله تعالى عنه صدقت. وفي هذا دليل على أن الضبع غير مأكول اللحم وهو مذهبا. وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ولا بأس بأكل الضبع لحديث جابر رضى الله تعالى عنه أن سئل عن الضبع أصيد هو قال نعم فقيل يؤكل لحمه قال نعم فقيل أشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم. وحجتنا في ذلك الحديث الذي روينا وحديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ولأنه ذو ناب يقاتل بنابه فلا يؤكل لحكه كالذئب وتأثيره ما ذكرنا أنه مستخبث باعتبار ما فيه من القصد إلى الأذى والبلادة فيدخل في جملة قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث. وحديث جابر رضي الله تعالى عنه ان صح فتأويله انه كان في زمن الابتداء ثم انتسخ بنزول الآية وهذا لان الحرمة ثابتة شرعا فما يروى من الحل يحمل على أنه كان قبل ثبوت الحرمة ولا خلاف في أن الضبع صيد بحسب الجزاء على المحرم بقتله عندنا لأنه صيد وعنده لأنه مأكول اللحم فأما معنى حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فالمراد بالخطف ما يختطف بمخلبه من الهواء كالبازي والعقاب والشاهين والمنهبة ما ينتهب بنابه من الأرض كالأسد والذئب والفهد والنمر وفي ذكر هذين الموضعين إشارة إلى معنى الحرمة حتى لا يسرى إلى الأكل هذا الخلق الدرئ وفى المحتمة روايتان بالفتح والكسر ومعنى الرواية بالفتح ما يحتم عليه الكلب فيقتله غما لا جرحا فذلك الصيد حرام لانعدام معنى الذكاة فيه ومعنى الرواية بالكسر ما يحتم على الصيود كالذئب والأسد والفهد فإنه غير مأكول ومعنى قوله وعن كل ذي ناب من السباع ما يقصد بنابه ويدفع به فأما أصل الناب يوجد لكل صيد فعرفنا ان المحرم ما بينا. وعن إبراهيم رحمة الله تعالى قال كانوا يكرهون كل ذي مخلب من الطير وما أكل الجيف وبه نأخذ لان كل ما يأكل الجيف كالفراق والغراب الأبقع مستخبث طبعا فيدخل تحت قوله
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست