المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٤٥
والدنانير والفلوس قرض) لان الإعارة اذن في الانتفاع ولا يتأتى الانتفاع بالنقود الا باستهلاك عينها فيصير مأذونا في ذلك * وفيه طريقان اما الهبة أو القرض فيثبت الأقل لكونه متيقنا به ولان المستعير يلتزم رد العين بعد الانتفاع ويتعذر هنا رد العين فيقام رد المثل مقام رد العين والقبض الذي يمكنه من استهلاك المقبوض ويوجب عليه ضمان المثل القبض بجهة القرض * وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد مثل الجوز والبيض. قال في الأصل أرأيت لو استعار دراهم يشترى بها طعاما أو جارية أما كان له أن يأكل الطعام أو يطأ الجارية له ذلك والمال قرض عليه * وان استعار آنية يتجمل بها في منزله أو سكينا محلى أو سيفا أو منطقة مفضضة أو خاتما لم يكن شئ من هذا قرضا لان الانتفاع بهذه الأعيان مع بقائها ممكن ولهذا تجوز اجارتها (قالوا) ولو أن صيرفيا استعار دراهم أو دنانير ليتجمل بها في حانوته أو ليعبر بها صنجاته فإنه لا يكون قرضا لا نهما لما صرحا به علمنا أو مقصودهما الانتفاع مع بقاء العين دون الاذن في استهلاك العين * وإذا استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم فأخذ بها في طريق آخر إلي ذلك المكان فعطبت لم يضمن لأنه مأذون في الوصول عليها إلي ذلك المكان ولم يقيد له طريق فلا يكون مخالفا في أي طريق ذهب بعد أن يكون طريقا يسلكه الناس إلي ذلك المكان فإن كان طريقا لا يسلكه الناس إلي ذلك المكان فهو ضامن لان مطلق الاذن ينصرف إلى المتعارف * وان استعارها إلى حمام أعبر فجاوز بها حمام أعبر ثم جاء بها إلى حمام أعين أو إلى الكوفة فعطبت الدابة فهو ضامن لها حتى يردها إلى صاحبها (قيل) هذا إذا استعارها ذاهبا لا راجعا فأما إذا استعارها ذاهبا وجائيا فلا ضمان عليه وهكذا ذكر في النوادر لأنه في الأول لما وصل إلى حمام أعين انتهى العقد فإذا جاوز كان غاصبا فلا يبرأ الا بالرد علي المالك وفى الثاني إنما يضمن بالخلاف وهو استعمالها وردء المكان المشروط فإذا رجع إلى حمام أعين فقد ارتفع الخلاف والعقد قائم بينهما فيكون أمينا (وقيل) الجواب في الفصلين سواء لان يد المستعير يد نفسه * وفى الوديعة إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق إنما أبرأناه عن الضمان لان يده يد المالك فيجعل في الحكم كما لورده على المالك وهذا لا يوجد هنا فبقي ضامنا كما كان وان عاد إلى مكان العقد ما لم يوصله إلى المالك والإجارة في هذا كالعارية لان يد المستأجر يد نفسه أيضا فإنه يقبض لمنفعة نفسه ورجوعه بضمان الاستحقاق لأجل الغرور الثابت بعقد ضمان لا لان يده يد المالك * يوضح الفرق ان
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست