المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٤٩
يكون في إمساكه إلى الغد متعديا (رجل) أرسل رسولا يستعير له دابة من فلان إلى الحيرة فجاء الرسول إلى صاحبها وقال إن فلانا يقول لك أعرني دابتك إلى المدينة فدفعها إليه فجاء بها الرسول فدفعها إلى الذي أرسله ثم بدا للذي أرسله أن يركبها إلى المدينة وهو لا يشعر بما كان من قول الرسول فركبها فهلكت تحته فلا ضمان عليه لأنه استعملها باذن مالكها.
وان ركبها إلى الحيرة فهلكت تحته فهو ضامن لها لأنه جاوز المكان الذي أذن فيه المالك فصار مستعملا لها بغير إذنه وهذا لان ظنه غير معتبر إنما المعتبر اذن المالك وقد كان إلى الموضع الذي طلب الرسول. ثم لا يرجع المرسل على الرسول بشئ لأنه لم يوجد منه عقد ضمان إنما أخبره بخبر أو لم يخبره بشئ ولكنه لم يبلغ رسالته كما أمره به وذلك غير موجب للضمان عليه والكراء في هذا قياس العارية * وان قال أعرتني دابتك فنفقت وقال رب الدابة ما أعرتكها ولكن غصبتها فلا ضمان عليه إن لم يركبها لأنه أقر بفعل المالك في ملكه وذلك غير موجب للضمان عليه والمالك يدعى عليه سبب الضمان وهو الغصب فيكون القول قول المنكر. وإن كان قد ركبها فهو ضامن لها لان السبب الموجب للضمان عليه قد ظهر وهو استعمال دابة الغير بغير إذنه والاذن المسقط للضمان لا يثبت بدعواه. و ان قال رب الدابة أجرتكها فالقول قول الراكب مع يمينه لا نهما تصادقا على أن الركوب حصل بالاذن ثم رب الدابة يدعى عليه الاجر والراكب منكر فالقول قوله لانكار ذلك. وهذا بخلاف العين فإنه إذا هلك مال الغير في يده فقال وهبتها لي وقال المالك بل بعتها منك فإنه يكون ضامنا لأن العين مال متقوم بنفسه فلا يسقط حق المالك عن ماليته إلا باسقاطه فأما المنفعة إنما تأخذ حكم المالية والتقوم بعقد الإجارة ورب الدابة يدعي ذلك والراكب منكر فلهذا لا يضمن شيئا * وان أقام رجل البينة على أرض ونخل أنها له وقد أصاب ذو اليد من غلتها وثمرتها فهو ضامن لما أصاب من ذلك (وقال) ابن أبي ليلي لا ضمان عليه لان الثمرة منفعة الأشجار والمنفعة لا تكون مضمونة بغير عقد ضمان كمنفعة الدابة ولكنا نقول الثمرة عين مال متقوم بدليل جواز بيعها وهي مملوكة لصاحب الشجرة لتولدها من ملكه فيكون المصيب ضامنا لماله بالاتلاف كولد الجارية والحمل في الشاة إذا أتلفها * وإذا غصب الرجل الأرض وزرعها فالزرع له لأنه حصل بعمله من بذره وهذا بخلاف ما إذا غصب جارية فأحبلها فان الولد هناك يكون لصاحبها لان حصول الولد بحضانتها في رحمها لا بفعل الواطئ فان ماء الفحل
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست