المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٦
كان ملفوفا بين يديه يجب القطع بسرقته لأنه متاع محرز بالحافظ كسائر الأمتعة وكذلك ان سرق الجوالق من ظهر الدابة مع ما في الجوالق لم يقطع لأنه ظاهر غير محرز فان صاحب الجوالق يحرز بالجوالق ما فيه ولا يقصد احراز الجوالق فان شق الجوالق وسرق ما فيه قطع لأنه سرق مالا محرزا وقد بينا أن المعتبر في الاحراز ما هو المعتاد فإذا اعتاد احراز المتاع بالجوالق كان الجوالق حرزا له فإذا شقه وأدخل يده فيه وأخرج المتاع فقد تم منه هتك الحرز وأخذ المال فيلزم القطع ثم في كل موضع كان المال محرزا بالحافظ فإذا أخذ السارق كما أخذ يلزمه القطع وفى كل موضع كان محرزا بالمكان فإذا أخذ قبل أن يخرجه من ذلك المكان لم يقطع لان فعله في المحرز بالحافظ يتم بنفس الاخذ وهو إزالة اليد باثبات اليد لنفسه على وجه السرقة فأما المحرز بالمكان فلا تتم سرقته فيه الا باخراج المال من الحرز وقد بينا أن الدار كلها حرز واحد فما لم يخرج المتاع منها لا يلزمه القطع (قال) وإذا قطع السارق ردت السرقة إلى صاحبها لان المسروق منه واجد عين ماله ومن وجد عين ماله فهو أحق به فإن لم يقد وعليها فلا ضمان على السارق عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى هو ضامن لقيمتها وقال مالك إن كان السارق صاحب مال يؤمر بأداء الضمان في الحال وإن لم يكن له شئ فلا ضمان عليه في الحال ولا بعد ذلك واستدل الشافعي رحمه الله تعالى بقول النبي صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترد فقد أوجب على الآخذ ضمان المأخوذ إلى غاية الرد وقد وجد منه الاخذ ههنا فيكون ضامنا وهو المعني في المسألة فإنه أخذ مال الغير بغير حق فيكون ضامنا له كالغاصب ولا شك أنه بالأخذ ضامن حتى إذا سقط الحد بشبهة كان ضامنا للمال فلو سقط الضمان إنما يسقط باستيفاء القطع والقطع حد واجب لله تعالى فاستيفاؤه لا يسقط الضمان الواجب الحق العبد ولان وجوب الضمان عليه بنفس الاخذ ووجوب القطع باتمام فعل السرقة بالاخراج والحقان إذا وجبا بسببين فاستيفاء أحدهما لا يسقط الآخر كما لو قتل انسانا ومزق عليه ثيابه لا يسقط عنه ضمان الثياب باستيفاء القصاص ولأنهما حقان اختلفا محلا ومستحقا وسببا لان محل القطع اليد ومستحقه هو الله تعالى وسببه السرقة ومحل الضمان الذمة ومستحقه المسروق منه وسببه ادخال النقصان عليه بأخذ ماله فوجوب أحدهما لا يمنع وجوب الآخر كالدية مع الكفارة في القتل والجزاء مع القيمة في الصيد المملوك في الحرم وشرب خمر الذمي على أصلكم فإنه يوجب الحد حقا لله تعالى
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست