المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٩
حق استيفاء القطع فلا يقضى بالضمان ولكنه يفتى برفع النقصان والخسران الذي الحق به فيما بينه وبين الله تعال (قال) ولا قطع على النباش في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف والشافعي رحمهما الله يقطع والاختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم فعمر وعائشة وابن مسعود وابن الزبير رضوان عليهم أجمعين قالوا بوجوب القطع وابن عباس رضي الله عنه كأن يقول لا قطع عليه وعليه اتفق من بقي في عهد مروان من الصحابة على ما روى أن نباشا أتى به مروان فسأل الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك فلم يبينوا له فيه شيئا فعزره أسواطا ولم يقطعه وبهذا تبين فساد استدلال من يستدل بالآية لايجاب القطع عليه فان اسم السرقة لو كان يتناوله مطلقا لما احتاج مروان إلى مشاورة الصحابة رضي الله عنهم مع النص وما اتفقوا على خلاف النص فأما من أوجب القطع استدل بقوله صلى الله عليه وسلم من نبش قطعناه والمعنى فيه أنه سرق مالا كامل المقدار من حرز لا شبهة فيه فيقطع كما لو سرق لباس الحي وهذا لان الآدمي محترم حيا وميتا وبيان هذه الأوصاف فاما السرقة فهو أخذ المال على وجه الخفية وذلك يتحقق من النباش وهذا الثوب كان مالا قبل أن يلبسه الميت فلا تختل صفة المالية فيه بلبس الميت فاما الحرز فلان الناس تعارفوا منذ ولدوا احراز الأكفان بالقبور ولا يحرزونه بأحصن من ذلك الموضع فكان حرزا متعينا له باتفاق جميع الناس ولا يبقي في احرازه شبهة لما كأن لا يحرز بأحصن منه عادة والدليل عليه أنه ليس بمضيع حتى لا يضمن الأب والوصي إذا كفنا الصبي من مال الصبي وما لا يكون محرزا يكون مضيعا (وحجتنا) فيه قوله صلى الله عليه وسلم لا قطع على المختفى وهو النباش بلغة أهل المدينة كما جاء في حديث آخر من اختفى ميتا فكأنما قتله وقوله صلى الله عليه وسلم من نبش قطعناه لا يصح مرفوعا بل هو من كلام زياد ألا ترى أنه قال في ذلك الحديث من قتل عبده قتلناه ومن جدع أنفه جدعناه ولئن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع نباشا أو أحدا من الصحابة رضي الله عنه م أجمعين فإنه يحمل على أنه كان ذلك بطريق السياسة وللامام رأى في ذلك والمعنى فيه أن وجوب القطع بسرقة مال محرز مملوك وجميع هذه الأوصاف اختلف في الكفن فأما السرقة فهو اسم أخذ المال على وجه يسارق عين صاحبه ولا تتصور مسارقة عين الميت وإنما يختفى النباش باعتبار أنه يرتكب الكبيرة كالزاني وشارب الخمر والدليل عليه أنه ينفي هذا الاسم عنه باثبات غيره فيقال نبش وما سرق فأما المالية فإنها عبارة عن
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست