المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٣
إن كان المصحف مفضضا وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يقطع في هذه الحالة لان ما عليه من الفضة ليس من المصحف في شئ فهو كالمنفصل يتعلق القطع بسرقته ووجه ظاهر الرواية أن المقصود ما في المصحف دون ما على جلده من الفضة وإذا لم يكن ايجاب القطع باعتبار ما هو المقصود يعتبر ذلك شبهة في درء الحد كمن سرق ثوبا خلقا قد صر في الثوب دينار ولم يعلم السارق لا يلزمه القطع لان ما هو المقصود ليس بنصاب فلا يلزمه القطع باعتبار غيره (قال) ولا قطع على سارق الخبز واللحم والفاكهة والرمان والعنب والبقول والرياحين والحناء والوسمة سواء سرق من شجره أو من غير شجره عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى يلزمه القطع في هذا كله وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه سرق مالا متقوما من حرز لا شبهة فيه ودليل المالية والتقوم جواز البيع والشراء فيها ووجوب ضمان القيمة على غاصبها ومتلفها ودليل الحرزية أنه لو سرق مالا آخر من هذا الموضع يقطع وكل مكان هو حرز معتاد لمال فإنه يتم احرازه بذلك المكان على وجه لا يبقى فيه شبهة (وحجتنا) ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا في كثير وبالإجماع المراد بالثمار الرطبة لأنه يتسارع إليها الفساد ولان في مالية هذه الأشياء نقصانا لان المالية بالتمول وذلك بالصيانة والادخار لوقت الحاجة ولا يتأتى ذلك فيما يتسارع إليه الفساد فيتمكن النقصان في ماليتها وفى النقصان شبهة العدم ولأنه تافه جنسا ولان الناس يتساهلون به فيما بينهم فيلتحق بالتافه قدرا وهو ما دون النصاب والأصل فيه حديث عائشة رضي الله عنها كانت لا تقطع الأيدي في الشئ التافه (قال) وكذلك لا قطع في الحرض والجص والنورة والزرنيخ عندنا لأن هذه الأشياء توجد مباح الأصل في دار الاسلام غير مرغوب فيه فلا يتعلق القطع بسرقته عندنا وقال الشافعي رضي الله عنه يتعلق القطع بسرقة كل مال تبلغ قيمته نصابا الا التراب والسرجين وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه سرق مالا متقوما من حرز لا شبهة فيه وقررنا هذا في المسألة الأولى وبأن كان يوجد جنسه مباحا لا يتمكن فيه شبهة بعد الاحراز كالذهب والفضة واللؤلؤ والفيروزج يتعلق القطع بسرقتها وإن كان يوجد جنسه مباحا ولأنه لو سرق سريرا أو كرسيا يلزمه القطع والخشب غير مصنوع يوجد مباحا ثم وجوب القطع باعتبار العين لا باعتبار الصنعة ولا يفترق الحال بينهما قبل الصنعة وما بعده في حكم القطع (وحجتنا) فيه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم الناس
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست