المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٢
حرمة النكاح وذلك لا يمنع وجوب القطع كما لو سرق من أخيه من الرضاعة وهذا على أصله مستقيم فإنه يقول لا يتعلق بهذه القرابة استحقاق النفقة بحال ولا استحقاق العتق عليه عند دخوله في ملكه (وحجتنا) فيه قوله تعالى ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم الآية فالله تعالى رفع الجناح على الداخل في بيت الاخوة والأعمام والأكل منه فظاهر هذا يقتضى الإباحة والظاهر وان ترك لقيام الدليل يبقى شبهة ألا ترى أنه عطف بيوت الاخوة والأعمام على بيوت الآباء والأولاد وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه ولا يدخل عليه قوله تعالي في آخر الآية أو صديقكم لان الصداقة لا تبقي مع السرقة فلانعدام السبب عند السرقة تنتفي الشبهة هناك فأما الاخوة تبقي مع السرقة كالأبوة والمعنى فيه أن بينهما قرابة محرمة للنكاح فكانت كالولاد وتأثيره أن البعض يدخل بيت البعض من غير استئذان ولا حشمة ولهذا ثبت حل النظر إلى موضع الزينة الظاهرة والباطنة بهذه القرابة كما في الولاد فينتقص معنى الحرزية في حقهم وهو على أصلنا مستقيم لأنه يتعلق استحقاق النفقة بهذه القرابة والعتق عند دخوله في الملك فذلك دليل على ثبوت الحق لبعضهم في مال البعض من وجه وأدنى الشبهة تكفي لدرء الحد وإن كان أحد السارقين ذا رحم محرم من المسروق منه أو شريكا له يدرأ الحد عنه بالشبهة ويدرأ عن الآخر للشبهة للشركة لما بينا أنها سرقة واحدة فلا يكون بعضها موجبا للعقوبة وبعضها غير موجب كالخاطئ مع العامد إذا اشتركا في القتل (قال) ولا قطع على سارق المصحف عند علمائنا رحمهم الله تعالى وقال الشافعي رحمه الله تعالى عليه القطع لأنه سرق مالا متقوما من حرز لا شبهة فيه فان الجلد والبياض مال متقوم قبل أن يكتب فيه القرآن يجب القطع بسرقته فكذلك بعدما كتب فيه ألا ترى أنه يجوز بيعه وشراؤه وانه لو كان المكتوب فيه شيئا آخر لم تنتقص ماليته فإذا كتب فيه القرآن أولى وفي الكتاب علل وقال لان فيه القرآن فلا قطع فيه وفى هذا التعليل إشارة إلى أن في المصاحف قرآنا كما هو مذهب أهل السنة وتأثيره أن لكل واحد تأويلا في أخذ المصحف للقراءة فيه والنظر لإزالة اشكال وقع في كلمة فالقطع لا يجب مع تمكن الشبهة توضيحه أن المقصود ما في المصحف لا عين الجلد والبياض ولا يمكن ايجاب القطع عليه باعتبار هذا المقصود لان ذلك ليس بمال فيصير ذلك شبهة كمن سرق آنية من خمر لا يلزمه القطع وان كانت الآنية تساوي نصابا لان المقصود ما فيه وهو ليس بمال وكذلك
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست