مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٤٧١
نكاحه وأنه لا يقر بحال فلا إحداد عليها ولا عدة وعليها ثلاث حيض استبراء معناه لا عدة وفاة. وأطلق الاستبراء على عدة مدة الفسخ مجازا لأنه خير من الاشتراك. انتهى كلامه.
قلت: الذي يظهر أن في حده للعدة دورا لأن معرفة مدة منع النكاح متوقفة على معرفة العدة، فإنه قد تقدم أن من موانع النكاح كون المرأة معتدة إذا توقفت معرفة كونها معتدة على معرفة كونها ممنوعة من النكاح فقد جاء الدور فتأمله. فالأولى أن تعرف العدة بأنها المدة التي جعلت دليلا على براءة الرحم لفسخ النكاح أو لموت الزوج أو طلاقه. وقد قال ابن عرفة في حد الاستبراء: إنه مدة دليل براءة الرحم لا لرفع عصمة أو طلاق فتأمله. وأما تسمية مدة منع الزوج من النكاح إذا طلق الرابعة أو طلق أخت زوجة أو من يحرم الجمع بينهما عدة، فلا شك أنه مجاز فلا ينبغي إدخاله في حقيقة العدة الشرعية والله أعلم. فإن قيل: يخرج من هذا الحد عدة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها من الوفاة لتيقن براءة رحمها، وكذلك من علم أن الزوج لم يدخل بها. فالجواب أن عدة الوفاة إنما شرعت فيمن علم أن الزوج لم يدخل بها احتياطا لبراءة الرحم، لأنه لو ظهر بها حمل وادعاه الزوج لحق به. فالعدة واجبة لتيقن براءة الرحم، وهذه العلة ظاهرة فيمن يوطأ مثلها. ولكن لما لم يكن في قدر من يوطأ مثلها حد يرجع إليه من الكتاب والسنة حمل الباب محملا واحدا فوجبت العدة على من كانت في المهد حسما للباب، فعلم أن أصل وجوب العدة إنما هو للدلالة على براءة الرحم ولا يضر عدم وجود العلة في بعض الصور فتأمله والله أعلم.
تنبيه: قال ابن عبد السلام: ويجب الاعتناء بالعدة لأن الله سبحانه أكد ذلك بقوله:
* (وأحصوا العدة) * على خلاف بين المفسرين من المخاطب بذلك، هل الحكام أو المطلقون وهو الأظهر، أو المطلقات؟ واختار بعضهم أن الامر بالاحصاء يتناول الجميع لأن لكل واحد منهم تعلقا بذلك انتهى. ص: (بخلوة بالغ) ش: أي بسبب خلوة بالغ وهي إرخاء الستور، فلو لم تكن خلوة لا عدة، وهو كذلك وهي المطلقة قبل البناء. قال في التوضيح:
فرع: قال في المدونة: ولو كان معها نساء حين دخل وانصرف بمحضرهن فلا عدة عليها. الباجي: وكذلك امرأة انتهى. وقال ابن عبد السلام إثر كلام الباجي: هذا صحيح لأن
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست