وقال المصنف في التوضيح: قد تقدم أن أبا عمران وابن رشد تأولا على المدونة أنه لا حد لأقل الحيض هنا كالعبادات وأن أكثرهم خالفهم في ذلك. ونص المازري على أن المشهور عن مالك نفي التحديد واستناد الحكم إلى ما يقول النساء إنه حيض انتهى. وهذا الذي أراد المصنف أن يمشي عليه، لكن عبارته رحمه الله لا توفي بذلك كما تقدم، وكلام ابن رشد الذي ذكره في التوضيح وهو في رسم الطلاق الأول من سماع أشهب من طلاق السنة.
واستدل على أن ذلك مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة بقوله فيها: إن الأمة المبيعة إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل فمصيبتها من المشتري وقد حل للمشتري أن يقبل ويباشر، ويجوز للمرأة أن تتزوج بأول ما تراه، ولا معنى لاستحباب التأخير لأن الدم إذا انقطع لا يخلو أن يعود عن بعد أو قرب، فإن عاد عن بعد انكشف أن ذلك الدم هو الحيضة الثالثة وأن هذا الدم حيضة رابعة، وإن عاد عن قرب كان مضافا للأول وعلم أنه كان ابتداء الحيضة الثالثة وأن ما بينهما من الطهر ملغى لا حكم له. ثم ذكر كلام ابن القاسم في كتاب الاستبراء ثم قال: فعلى قوله هذا إن سئل عنه النساء فقلن: إنه لا يكون حيضا يكون الحكم في ذلك على ما في سماع أشهب، وفرع على هذا هل تقضي الصلاة في تلك الأيام أم لا؟ قال:
والذي يأتي على المذهب إنها لا تقضي لأن الاختلاف إنما هو بالنسبة إلى العدة لا إلى إسقاط الصلاة. قال: وروي عن سحنون أنها تقضي الصلاة وهو خارج عن المذهب مثل قول أبي حنيفة انتهى. ونقل القاضي عياض عن ابن رشد أنه يقول: إنها تقضي الصلاة واعترض عليه.
وقال: في قوله نظر ولا يوافق عليه. ونقل المصنف كلامه في التوضيح وقبله، وقد علمت أن ابن رشد إنما نقله عن سحنون واعترضه كما تقدم، وقد تعقب ابن عرفة ذلك على عياض والله أعلم. ونقل ابن عرفة كلام ابن رشد ونقل بعده كلام المدونة في إرخاء الستور كالمقوي له، ولفظه أقوى من لفظ التهذيب المتقدم ونصه: وفي إرخاء الستور منها إذا رأت أول قطرة من الحيضة الثالثة تم قرؤها انتهى. وحصل في أقل الحيض في العدة خمسة أقوال: الأول:
كالطهارة. الثاني: يسأل النساء وقد تقدم عزوهما. الثالث: يوم رواه الخطابي عن مالك. الرابع:
ثلاثة أيام لابن مسلمة. الخامس: خمسة أيام لابن الماجشون والله أعلم.
وأما المسألة الثانية وهي قوله: وفي أن المقطوع ذكره وأنثياه يولد له فتعتد زوجته أو لا فهو كقول ابن الحاجب: ولا تجب بوطئ الصغير ولا بالمجبوب ذكره وأنثياه بخلاف الخصي القائم. وفيها: فيه وفي عكسه يسأل النساء فإن كان يولد لمثله فالعدة وإلا فلا عدة ولا يلحق.
والذي في آخر كتاب النكاح الأول من المدونة: وإذا كان الرجل مجبوبا أو خصيا ولم تعلم به المرأة فلها أن تقيم أو تفارق ويتوارثان قبل أن تختار فراقه، فإن فارقته بعد أن دخل بها فعليها العدة إن كان يطأها، وإن كان لا يطأها فلا عدة عليها. قيل: فإن كان مجبوب الذكر قائم الخصي؟ قال: إن كان يولد لمثله فعليها العدة وسئل عن ذلك، فإن كان يولد لمثله لزمه الولد