مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٤٦٩
أقر بالأول ونفى الثاني وقال لم أطأ بعد ولادة الأول قال: إنه يلاعن الثاني. ذكر هذا الفرع الثاني الذي ذكره المصنف أعني إذا أقر بالثاني يريد مع إقراره بالأول وقال: لم أطأ بعد الأول فقال: إنه يسأل النساء فإن قلن إن الحمل قد يتأخر هكذا لم يحد، وإن قلن لا يتأخر حد. وإنما لم يحد إذا قلن يتأخر لعدم نفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول لجواز أن يكون ناشئا عن الوطئ الذي كان عنه الأول عملا بقولهم لا يتأخر. وإذا قلن لا يتأخر فيحد لنفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول والحال أن بينهما ستة أشهر وانضم إلى ذلك قول النساء إن الحمل لا يتأخر هكذا. وهذا كالمخالف لما قاله أولا، وإلى هذا الاستشكال أشار المصنف بأداة الاستثناء كابن الحاجب، ولم يذكر الفرع الأول من كلام المدونة لجريه على الأصل المذكور أعني كونهما بطنين. ووجه الاستشكال أنه جزم أولا بأنه إذا كان بينهما ستة أشهر فهما بطنان. ثم قال ثانيا: يسأل النساء فقال: إن كانت الستة كافية في الدلالة على كونهما بطنين كما قال في الفرع الأول فلا يسأل النساء في الفرع الثاني ويحد لأنه قد نفاه بقوله لم أطأ بعد الأول وأكذب نفسه باستلحاقه، وإن لم تكن كافية فيسأل النساء أيضا في الفرع الأول؟ فإن قلن إنه يتأخر هكذا حد ولم يلاعن كما لو وضعت لأقل من ستة. وأجاب ابن عرفة بأن ذلك كاف حيث لا يعارض أصلا ولا يكفي حيث يعارض أصلا وهو في المسألة الثانية يعارض أصلا وهو درأ الحد بالشبهة انتهى. وإلى هذا الاستشكال والجواب أشار الشيخ أبو الحسن الصغير بأنه قال: جزم أولا بجعلهما بطنين ثم قال: يسأل النساء. وإنما قال يسأل النساء ولم يجزم كالتي قبلها لأجل حد الزوج حد القذف، لأن الحدود تدرأ بالشبهات انتهى.
تنبيه: هذا الذي فرضناه في تقرير المسألة من أنه أقر بالأول أيضا هو الذي يفهم من لفظ الام ونصه: قلت: فإن وضعت الثاني لستة أشهر أتجعله بطنا واحدا؟ قال: بل هما بطنان.
قلت: فإن قال لم أجامعها بعد ما ولدت الولد الأول قال: يلاعنها وينفي الثاني. قلت: فإن قال لم أجامعها بعدما ولدت الولد الأول ولكن هذا الثاني ابني قال: يلزمه الولد ويسأل النساء، فإن كان الحمل يتأخر هكذا لم أر أن يجلد، وإن قلن لا يتأخر إلى مثل هذا جلدته الحد. وقد سمعت غير واحد يذكر أن الحمل يكون واحدا ويكون بين وضعهما الأشهر انتهى. وصرح بذلك الشيخ أبو محمد في اختصاره للمدونة فقال: ولو أقر بالثاني. محمد: وبالأول وقال لم أطأها بعد الأول لحق الثاني ويسأل النساء الخ. وكذلك نقله اللخمي فقال: وإن أقر بهما جميعا وقال لم أجامعها بعد ما ولدت الأول يسأل النساء إلى آخره. وما ذكرناه في وجه الاستشكال وفي جوابه هو الذي قاله ابن عرفة وهو المفهوم من كلام أبي الحسن وهو الظاهر كما تقدم وحمل ابن عبد السلام المسألة على أنه إنما أقر بالثاني بعد أن نفى الأول ولاعن فيه، وقرر الاشكال في كلام ابن الحاجب المدلول عليه بالاستثناء بأنه إذا قال النساء يتأخر كان كما
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست