مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٧٩
يقصر مسافر منها فيه كذي طوى. ثم قال: والمعتبر استيطانه قبل العمرة، فلو قدم بعمرة ناويه لم يفده لانشائها غير مستوطن. وقوله في المدونة لأنه قد يبدو له مشكل انتهى. يشير لقوله في المدونة: ومن دخل مكة في أشهر الحج بعمرة وهو يريد سكناها ثم حج من عامه ذلك فعليه دم المتعة وليس هو كأهل مكة، لأنه إنما يريد السكنى وقد يبدو له ومن حل من أهل الآفاق من عمرته قبل أشهر الحج ثم اعتمر عمرة ثانية من التنعيم في أشهر الحج ثم حج من عامه فذلك عليه دم المتعة وهو أبين من الذي قدم ليسكن لأن هذا لم تكن إقامته الأولى سكنى انتهى قال سند: استنبط ابن القاسم حكم الدم من قول مالك في المسألة الأولى من حيث الأولى وهو بين، لأن الأولى أوجبنا عليه الدم وإن كان سفره لسكني مكة لما لم يتحقق كونه عند الاحرام حاضر المسجد الحرام فهو الذي لم يرد سكنى مكة واستيطانها وإنما أراد الحج فقط، وإنما بادر بسفره فيه أحرى بوجوب الدم وثبوت حكم المتعة انتهى. وقال في الموطأ قال مالك: وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج فليس بمتمتع وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنها. وقال في المعونة: ويلزمه الهدي لقرانه إذا لم يكن مقيما بمكة مستوطنا. وقال في شروط التمتع: والسادس أن يكون وطنه غير مكة من سائر الآفاق من الحرم أو الحل. وقال في الجواهر: المراعى في حضور المسجد الحرام وقت فعل النسكين وابتداؤه بهما فإن كان في ذينك الوقتين مستوطنا مكة فحكمه حكم أهلها، وإن كان مستوطنا سائر الآفاق انتهى. ولابن فرحون نحوه وزاد: وإن كان مكي الأصل فظهر أن المسقط للدم هو الاستيطان وأن الإقامة بغير نية الاستيطان لا تسقط الدم ولو طالت. ولما كان المستوطن نوعين أحدهما أهل مكة والثاني من انقطع إليها بنية عدم الانتقال، بالغ المصنف بقوله وإن بانقطاع بها. وفيه إشارة إلى أن المراد بالإقامة الاستيطان إذ لو كان المراد مطلق الإقامة لما حسنت المبالغة بالانقطاع. وقال ابن الحاجب: والمنقطع إليها كأهلها. قال ابن فرحون: المنقطع بها هو الآفاقي الذي أقام بها وأعرض عن سكنى غيرها وهذا حكمه حكم المكي انتهى. وقول المصنف في التوضيح المنقطع إليها كالمجاور كأهلها فمراده بالمجاور من جاور بنية عدم الانتقال لا مطلق المجاورة كما تقدم في كلامه. وذو طوى هو ما بين الثنية التي يهبط منها إلى مقبرة مكة المسماة بالمعلاة والثنية الأخرى التي إلى جهة الزاهر، وتسمى عند أهل مكة بين الحجوقين.
هكذا قال شيخ شيوخنا القاضي تقي الدين الفاسي في تاريخ مكة. قال: وفي صحيح البخاري ما يؤيده ونقل ابن جماعة الشافعي عن والده نحو ذلك.
قلت: وهو الذي يفهم من كلامه في القران فإنه قال في أول باب دخول مكة: فإذا دنا من مكة بات بذي طوى بين التثنيتين حتى يصبح. ثم قال بعد ذلك: وهو ربض من أرباض مكة بطرفها. ثم قال: قيل لمالك: ذي طوي في مر الظهران؟ قال: الذي سمعت بقرب مكة انتهى. وله نحو ذلك في باب ما يفعل عند الاحرام. ثم قال ابن جماعة: وقال المحب الطبري:
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست