مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٧٢
أنشأ الحج من مكة أن لا يسعى إلا بعد طواف الإفاضة إذ لا طواف قدوم عليه، وإن أردف بعد كمال الطواف وقبل الركعتين فيركع تكميلا للطواف، وإن أردف بمكة أو في الحرم قبل أن يشرع في الطواف لم يلزمه طواف ولا سعي، وإن أردف قبل أن يدخل الحرم لزمه طواف القدوم وتقديم السعي بعده. وقال الشارح في الوسط والصغير: إن معنى كلام المصنف أنه إذا أردفه في الطواف على العمرة الفاسدة فإنه يكمله ولا يسعى سهو ظاهر، لأن الارداف في العمرة الفاسدة لا يصح على المشهور فيستمر على طوافه وسعيه ويكمل عمرته. ص: ( وتندرج) ش: قال ابن عبد السلام: معنى اندراج العمرة في الحج أن يستغني بطواف الحج وسعيه وحلاقه عما وافق ذلك من مل العمرة حتى لو كان هذا القارن مراهقا جاز له ترك طواف القدوم ويقع حلقه قبل طوافه وسعيه. وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: وإذا دخل مكة فالطواف الذي يوقعه هو طواف القدوم وليس هو للعمرة، لأن العمرة اندرجت في أفعال الحج انتهى. فعلم من هذا أن القارن إنما يقصد بأفعاله التي يأتي بها أفعال الحج وأنها الواجبة عليه لاحرامه الذي أحرم به بالحج والعمرة، ولا يقصد أفعال العمرة بخصوصها، ولا يقصد التشريك في الطواف الأول والسعي، وأنهما للحج والعمرة بل ينوي بالطواف الأول طواف القدوم الواجب عليه في إحرامه الذي أحرمه بالحج والعمرة وبالسعي بعده السعي الذي هو ركن الاحرام المذكور، وبالوقوف الوقوف الذي هو ركن للاحرام المذكور، وبالطواف الذي يأتي به بعد الوقوف طواف الإفاضة الذي هو ركن للاحرام المذكور ولا يعتقد أن أفعال العمرة قد انقضت بالطواف الأول والسعي بل حكمها باق. وقال في المدونة في كتاب الحج الثالث في ترجمة الذي يفسد حجه: وإذا طاف القارن أول ما دخل مكة وسعى ثم جامع فليقض قارنا لأن طوافه وسعيه إنما كانا للحج والعمرة جميعا، ألا ترى أنه لو لم يجامع ومضى على القران صحيحا لم يلزمه إذا رجع من عرفات أن يسعى لحجه وأجزاه السعي الأول انتهى.
فمعنى قوله للحج والعمرة جميعا أنه للاحرام الذي أحرم به لا أنه يقصد بالطواف الأول أنه للقدوم وللعمرة وبالسعي أنه سعي العمرة والحج وأن العمرة قد تمت. قال سند في شرح كلام المدونة المذكور: وهذا الذي قاله بين وهو حجة على من ذهب من أصحابنا إلى أنه لا ينبغي أن يكون عليه من عمل العمرة شئ لأنها قد تمت على الصحة وإنما بقي الحج وحده وإنما حمل هذا القائل على ذلك - والله أعلم - أن العمرة لا يؤتى لها إلا بطواف واحد وسعي واحد فيقع الطواف الأول وسعيه مشتركا بين النسكين وما بقي من الأفعال يختص به الحج دون العمرة
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست