مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٦٦
على ما هو عليه حتى إذا فرغ من سعيه أحرم بالحج، وإن عجل فنوى الحج هل يجزئه ذلك يخرج على الاختلاف في إرداف الحج في أثناء الطواف أو السعي، وذلك لأنه لا يتعين ما كان إحرامه. فإن قدرناه عمرة وصححنا الارداف فقد صح حجه، وإن لم نصحح الارداف لم يصح حجه، فلهذا قلنا يجدد نية الحج بعد السعي ليكون على يقين من صحة حجه، وإن لم يفعل لم يجزئ بحجه وعليه القضاء لكونه على غير يقين من إحرامه انتهى. والمشهور أن الارداف يصح من غير كراهة في أثناء الطواف وبالكراهة بعد الطواف وقبل الركوع، وأما بعد الركوع وأثناء السعي فلا يصح الارداف. وقوله في التوضيح ويطوف ويسعى بناء على أنه قارن ظاهره أنه لو وقع شكه في أثناء الطواف ونوى الحج أن يكمل طوافه ويسعى في هذه الصورة كذلك والله أعلم. وليس هذا بمنزلة من أردف في الحرم لأن هذا ليس على يقين مما أحرم به لاحتمال أن يكون إحرامه الأول قرانا أو إفرادا والله أعلم. وأما لو وقع شكه بعد الركوع أو في أثناء السعي ونوى الحج لم يصح ويعيد النية بعد السعي كما قال سند والله أعلم. ص: (كشكه أفرد أو تمتع) ش: هذا التشبيه لهذا الفرع بما قبله في الاخذ بالأحوط، وكان الأولى أن يقول كشكه أحرم بحجر أو بعمرة وتبع رحمه الله عبارة ابن الحاجب مع أنه قد اعترض عليه بنحو ما ذكرنا. وفهم من تشبيه المصنف أنه ينوي الحج هنا أيضا لاحتمال أن يكون إحرامه الأول عمرة وهو ظاهر. وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب:
وينوي الحج يعني بعد فراغه من السعي وهذا لا يحتاج إليه باعتبار قصد براءة الذمة لأنه إن كان في نفس الامر في حج فهو متماد، وإن كان في عمرة فالمطلوب إنما هو تصحيحها وقد حصل جميع أركانها وإنما أمره بذلك ندبا ليوفي بما نواه إن كان قد نواه وهو التمتع لأنه قد يكون أتى بأحد جزأي التمتع وهو العمرة وبقي الجزء الآخر وهو الحج، ولهذا لما فرض اللخمي المسألة فيمن شك هل أفرد أو اعتمر لم يذكر إنشاء الحج، وتبعه على ذلك غير واحد انتهى.
وقال ابن عرفة قال اللخمي: والشك في إفراد وقران قران، وفي حج وعمرة حج وأهدى لتأخير حلق العمرة لا لقران فإنه لم يحدث نية، فإن كانت نية بحج فواضح، وإن كانت بعمرة فما زاد على فعلها لا يصيره قارنا. ثم اعتر ض على ابن الحاجب في قوله وينوي الحج بأنه خلاف قول اللخمي. قلت: في كلام اللخمي وابن عبد السلام وابن عرفة نظر، لأنه إذا لم يحدث فيه الحج لم يبرأ منه لاحتمال أن يكون الاحرام الأول إنما هو بعمرة، وما ذكره إنما هو كاف في خلوصه من عمرة الاحرام الذي هو فيه، أما إذا لم يحج الفرض فلا يخلص بذلك من حجة الاسلام، وإن كان قد حج لم يحصل له ثواب الحج التطوع. الصواب ما قاله ابن الحاجب وتبعه المصنف عليه من أنه ينوي الحج، ولا نقول إنه ينويه بعد فراغه من السعي كما قاله ابن عبد السلام بل ينويه حين وقع له الشك لأنه إن كان ذلك قبل الطواف كان مردفا
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست