مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٧
حلف لا وطئ امرأته حنث بوطئه إياها نائما لا يشعر كالناسي. ابن عرفة: الناسي مفرط عاقل والنائم غير عاقل. العتبي عن أصبغ: لا يحنث في لا آخذ من فلان درهما فأخذ منه ثوبا فيه درهم فرده حين علمه. ابن رشد: لابن القاسم في المبسوط يحنث إلا أن ينوي كقوله فيمن لا ما له وله مال ورثه لم يعلمه. ولابن كنانة كأصبغ فيما لا يسترفع فيه الدراهم وعلى قول سرقتها الفرق بين ما يسترفع فيه وما لا فالأقوال ثلاثة: عدم الحنث لرعي القصد، والحنث لرعي اللفظ دونه، والثالث استحسان انتهى. وقال في التوضيح: اليمين إن قيدت كما لو قال: والله لا أدخل الدار عمدا أو لا أدخلها إلا أن أنسي فالاتفاق على أنه لا يحنث في النسيان، وإن أطلقت فالمعروف من المذهب الحنث بالنسيان. وذهب السيوري وابن العربي في جمع من المتأخرين إلى عدم الحنث، وخرج أيضا من قول مالك في العتبية في الحالف بالطلاق ليصومن يوما معينا فأصبح فيه صائما ثم أفطر فيه ناسيا أنه لا شئ عليه. فظاهره أنه لا حنث عليه وكذلك فهم جماعة وإليه أشار ابن الحاجب بقوله: وخرج الفرق أي بين العمد والنسيان ورد لعله يريد لا قضاء وهو أحد الأقوال في النذر المعين انتهى. وقد فهم ابن رشد المسألة على عدم الحنث وجعلها جارية على الأصول، ونصه في رسم سلف دينارا من سماع عيسى من الايمان بالطلاق: إنما قال: لا شئ عليه لأن الاكل ناسيا لا يخرجه عن أن يكون صائما بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا، وقد قال ابن دحون: إنها مسألة حائلة والحنث يلزمهم على أصولهم فيمن حلف أن لا يفعل شيئا ففعله ناسيا وليس ذلك بصحيح، لأن أكثر أهل العلم لا يوجبون القضاء على من أفطر في رمضان ناسيا للحديث الوارد في ذلك انتهى. وقال في الرسم المذكور من السماع نفسه من كتاب الصيام: إنما قال: لا شئ عليه إذا كان ناسيا أي لا حنث عليه بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا ليمينه مراعاة للخلاف في وجوب القضاء على من أفطر في التطوع متعمدا وفي رمضان ناسيا لما جاء في ذلك انتهى. وقال في الرسم نفسه من كتاب النذور: وتكررت هذه المسألة ورأيت لابن دحون فيها أنها مسألة حائلة والحنث يلزمه فيها على أصولهم فيمن حلف أن لا يفعل شيئا أو حلف أن يفعل شيئا فنسي فعله حتى مات وليس ذلك على ما قال بل هي مسألة صحيحة، لأن الاكل ناسيا لا يخرج الحالف عن أن يكون صائما ولا يبطل به أجر صيامه، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا قضاء على من أكل في رمضان ناسيا وذكر الحديث انتهى.
فرع: قال في سماع عبد الملك من الايمان بالطلاق في رجل مر به رجل وهو يتوضأ فقال له: قم معي فقال له: امرأته طالق البتة إن قمت معك حتى أفرغ من وضوئي فتوضأ ثم ذهب معه فذكر أنه نسي التمضمض أو مسح الاذنين أو الرأس، هل ترى عليه شيئا؟ قال: هو حانث لأنه إنما أراد الوضوء الذي يتوضأ الناس ولم يرد المفروض من المسنون. ابن رشد: وهذا كما قال لأن الوضوء إذا أطلق في الشرع إنما يقع على جملة الوضوء وهو يشتمل على ما فيه
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست