مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
الرابع: قال التادلي في مناسكه: قال أبو إسحاق: ولبس الحرير للمرأة المحرمة والحلي جائز بخلاف الكحل للزينة وإن لم يكن فيه طيب وعليها الفدية إن اكتحلت. فإن قيل: فلماذا أجاز لبس الحرير والحلي وذلك من دواعي النكاح؟ وما الفرق بين ذلك وبين الكحل بغير ما فيه طيب من الاكتحال للزينة؟ قيل: لأن الكحل إذا كان للزينة فلها فيه انتفاع في عينها وجمال، والحلي والحرير لا انتفاع لها فيه. فإن قيل: المنفعة توجب عليها الفدية وإن لم يكن في ذلك زينة كدوائها لجرح وشبه ذلك. قيل: قد يكون الكحل أمرا لا يكاد أن يستغنى عنه لمكان ما في العين بما يصلحه الكحل كالادهان بالزيت ليتمرن على العمل، ولو فعل ذلك فاعل ليحسن يديه لكانت عليه الفدية فصار ما فعل للضرورة من هذا لا فدية فيه انتهى. ص: (ولو في طعام) ش: قال في المدونة: ويكره له أن يشرب شرابا فيه كافور أو يأكل دقة مزعفرة، فإن فعل افتدى. وكره في المدونة لغير المحرم أن يشرب الماء الذي فيه الكافور للسرف. انتهى من التوضيح. وقال سند: أما غير المحرم فيختلف فيه حاله بقدر ثمن الكافور وعلو قيمته ونزولها، فإن كان مما لا قيمة له فلا شئ فيه وتطيب الماء بمثل ذلك ليس بسرف وهو كتجمير آلته وإنباذ العسل فيه وشبه ذلك من مقاصد العقلاء * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) * الآية قالت عائشة رضي الله عنها: كان يستعذب له الماء عليه السلام من بيوت السقيا. قال قتيبة: عين بينها وبين المدينة يومان. خرجه أبو داود. ولم يكن هذا بإسراف في الرفاهية وطلب اللذات لأنه لم يكن فيه كبير مؤنة، وكذا ما نحن فيه وإن كان مما له كبير قمة ولم يطلب بذلك التداوي إلا محض تطييب الرائحة فهو سرف ممنوع.
فرع: قال سند: وسئل إن شرب المحرم ما فيه طيب، أيكون عليه الفدية في قول مالك أم لا؟ قال: عليه الفدية في قول مالك وهو رأي انتهى. ص: (وإلا قارورة سدت) ش: يعني أن من حمل قارورة مسدودة الفم في حال إحرامه فلا فدية عليه، يريد وقد أساء في حمله لها كما سيأتي في كلام صاحب الطراز. وظاهر كلام المصنف أنه لا فدية في ذلك ولو علقت به رائحة الطيب، والذي يقتضيه كلام اللخمي وغيره أن في ذلك الفدية. قال اللخمي فيمن فرش على ثوب مصبوغ بالزعفران ثوبا كثيفا: لا فدية عليه إلا أن يعلق بجسمه ريحه فإنه يفتدي.
وقد تقدم كلامه عند قول المصنف: ومصبوغ لمقتدى به. وقد تقدم عن صاحب الطراز أيضا أن المحرم إذا لبس ثوبا علق فيه ريح الطيب أن عليه الفدية. وقال ابن عرفة: وقول ابن شاس لا فدية في حمل قارورة مصممة الرأس إن أراد ولو علقت رائحته ففيه نظرا انتهى. وكأنه لم
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست