مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٤٥
قال في المدونة: يغتسل المحرم لاحرامه ولدخول مكة ولرواحه إلى الصلاة بعرفة ثم قال: ورتبة هذه الاغتسالات مختلفة. قال مالك: عند محمد غسل الاحرام أوجبها وهو بين فإن الاحرام يترتب عليه سائر المناسك فالغسل له أفضل من الغسل لبعضها لتعلقه بجميعها فالغسل له سنة ولغيره فضيلة انتهى. وقال أبو إسحاق التونسي: وغسل دخول مكة ووقف عرفة مستحب ولا يتدلك فيه ولكن يصب على نفسه الماء صبا انتهى. وقال قبله: والغسل للاحرام يتدلك فيه.
وقال في الرسالة: والغسل لدخول مكة مستحب لكنه قال في غسل عرفة: إنه سنة. وقيل:
الاغتسالات كلها سنة. وقيل: كلها مستحبة. حكى القولين الآخرين الجزولي في الكبير والشيخ يوسف بن عمر. وقول المصنف غير حائض يعني به أن الغسل لدخول مكة لا يستحب للحائض يريد ولا للنفساء لأن الغسل في الحقيقة إنما هو للطواف وهذا هو المشهور، ولذلك لو دخل من غير غسل أمر بالغسل بعد دخوله، وإذا اغتسل لدخوله اكتفى به عن الغسل للطواف.
وقيل: إن الغسل لدخوله مكة فغسل الحائض والنفساء لا يجتزأ به عن الغسل للطواف. نقل القولين في ذلك ابن فرحون وغيره، ونص كلام ابن فرحون في شرحه: اختلف في الغسل لدخول مكة فقيل هو للطواف، وقيل هو لدخول مكة. فعلى أنه للطواف لا تغتسل الحائض لدخول مكة ويجزئ الرجل للدخول وللطواف، وإليه ذهب الباجي. وعلى أنه لدخول مكة فتغتسل الحائض والنفساء بذي طوى وهو مروي عن مالك ولا يجتزأ على هذا القول بالغسل لدخول مكة عن الغسل للطواف انتهى. وقال ابن عبد السلام بعد ذكره القول الأول: إنه في الحقيقة إنما هو للطواف وهو أكثر نصوصهم. وروي عن مالك أن الحائض والنفساء يغتسلان لدخول مكة انتهى.
فرع: ويطلب في الغسل لدخول مكة أن يكون متصلا بالدخول، فلو اغتسل ثم بات خارج مكة لم يكتف بذلك. قال سند: والاغتسال لدخول مكة يستحب قبل دخولها ليكون طوافه متصلا بقدومه، فإن أخره واغتسل بعد دخوله فواسع. قال مالك: عند محمد ولا يكون غسله قبل دخوله إلا بقرب الدخول. ثم قال في أثناء كلامه: إذا ثبت أن الغسل للاحرام وجب أن يكون متصلا به أو في حكم المتصل فكذلك الغسل لدخول مكة لا يغتسل اليوم ويبيت بظاهرها ثم يدخل من غده انتهى. ويؤمر به كل من يريد الطواف. قال سند: قال مالك: لا يغتسل النساء والصبيان لدخول مكة. وقوله بطوى يعني به أن المطلوب لغسل مكة أن يكون بقرب مكة قبل دخولها ليكون طوافه متصلا بدخوله. وقال بعض المالكية في مناسكه: ولو اغتسل قبل ذي طوى بالقرب أجزأه. وذو طوى تقدم ضبطه وتفسيره عند قول المصنف وعدم إقامة بمكة أو ذي طوى.
فرع: قال سند: من أتى مكة من جهة أخرى اغتسل بقربها قال: وواسع لمن اغتسل لاحرامه من التنعيم في ترك الغسل لدخول مكة انتهى. وانظر لو اغتسل لاحرامه من التنعيم في مكة والظاهر أنه يكفيه.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست