مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٤٣
فرع: قال في التوضيح لما تكلم على سنن الاحرام إثر الكلام على الغسل قال ابن بشير:
استحب بعض أهل المذهب أن يقلم أظفار ويزيل ما على بدنه من الشعر الذي يؤمر بإزالته، لا شعر رأسه فإن الأفضل بقاؤه طلبا للشعث في الحج، وأن يلبده بصمغ أو غاسول فهو أفضل ليقتل دوابه انتهى وظاهر كلام مالك في الموازية وكلام غيره إباحة التلبيد لا استحبابه بقولهم لا بأس انتهى. وقوله ليقتل دوابه عبر عنه في مناسكه بلفظ مرادف لهذا اللفظ فقال:
وتموت دوابه. وهو مشكل وسيأتي وجه إشكاله. وما ذكره المصنف في توضيحه ومناسكه مخالف لابن بشير والذي فيه لتقل دوابه مضارع، قل الشئ يقل من القلة ضد الكثرة. وكذا هو في النوادر والطراز، ولولا ما صرح به في مناسكه من قوله وتموت دوابه لأمكن أن يقال صحف الكاتب قوله لتقل بلفظ ليقتل وإشكاله من وجهين: أحدهما أنه يصير حاملا لنجاسة أو شاكا في حملها، والثاني أن التلبيد لا يقتل القمل في ساعته وإنما يقتله بعد الاحرام، ومن قتل القمل بعد الاحرام فإن كان كثيرا لزمه الفدية، وإن كان قليلا لزمه الاطعام. ص: (وندب بالمدينة للحليفي) ش: يعني أن من كان يريد الاحرام من ذي الحليفة سواء كان ممن يلزمه ذلك أو من يستحب له الاحرام منه فإنه إذا أراد الاحرام من ذي الحليفة فيستحب له أن يغتسل بالمدينة، وهو قول عبد الملك بن الماجشون وابن حبيب وسحنون. وقال عياض: إنه ظاهر المذهب وإن ابن الماجشون وسحنون فسرا به المذهب فاعتمده المصنف هنا. وحمل بعضهم المدونة على أن الغسل بالمدينة جائز وليس بمستحب وسيأتي لفظه في التنبيه الثاني. بل قال أبو الحسن: ظاهر قوله في المدونة إجزاء غسله أن المطلوب الغسل بذي الحليفة وهو ظاهر كلام صاحب الطراز.
تنبيهات: الأول: الغسل بالمدينة إنما يندب أو يرخص فيه لمن يغتسل بها ثم يذهب إلى ذي الحليفة فيحرم بها من فوره أو يقيم بها قليلا بحيث لا يحصل بين الغسل والاحرام تفريق كثير، فأما من يقيم بذي الحليفة يوما أو ليلة فهذا لا يطلب بالغسل من المدينة على القول باستحبابه ولا يرخص له فيه على القول بجوازه كما بينت ذلك في شرح المناسك.
الثاني: من اغتسل بالمدينة فيراعى في حقه اتصال غسله بخروجه، فإن لم يخرج من فوره وطال تأخره لم يجزه الغسل، وإن تأخر ساعة من نهار لشغل خف كشد رحله وإصلاح بعض جهازه أجزأه قال في الام: ومن اغتسل بالمدينة وهو يريد الاحرام ثم مضى من فوره إلى ذي الحليفة فأحرم أجزأه غسله، وإن اغتسل بها غدوة ثم أقام إلى العشاء ثم راح إلى ذي الحليفة فأحرم لم يجزه الغسل، وإنما يجوز الغسل بالمدينة لرجل يغتسل ثم يركب من فوره انتهى. قال سند إثر كلام المدونة: نعم لو اشتغل بعد غسله في شد رحله وإصلاح بعض جهازه ساعة من نهار كان خفيفا انتهى. وقال في التوضيح: وفي الموازية إن اغتسل غدوة وتأخر
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست