مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٨
فرض المسألة في الصلاة الحاضرة كما سيأتي لفظه، ولم يذكر ابن الحاجب إلا قولي ابن المواز وابن عبد الحكم وقول الشيخ عبد الحميد أنه يصلي إيماء كالمسايف، وظاهر كلامه أنه فرض المسألة في الفائتة كما قال ابن عبد السلام والمصنف وغيرهما فإنه قال: فذكر صلاة وذكر ابن عرفة قولي ابن المواز وابن عبد الحكم والشيخ عبد الحميد واختيار اللخمي وفرض المسألة في المنسية ولم يذكر القول بتقديم الصلاة مع أنه قال في آخر كلامه: وفرضها ابن بشير في ذاكر العشاء.
الثاني: قال ابن عبد السلام: ظاهر كلام ابن الحاجب وغيره واحد أنها صلاة منسية خرج وقتها الاختياري والضروري، وفرض ابن بشير المسألة فيمن ذكر صلاة العشاء من تلك الليلة ثم قال: وحكى ابن بشير قولا آخر لم يسلم قائله على عادته فيما يحكيه من الأقوال وهو تقديم الصلاة لعظم قدرها في الشرع ولاستحقاقها الوقت يعني أن الصلاة والحج وإن كان كل واحد منهما من أركان الاسلام إلا أن تقديم الصلاة على الحج معلوم قطعا، فإذا رجح الجنس على الجنس وجب مثله في الشخص على الشخص. وأما قوله ولاستحقاقها الوقت فهو جيد لكن على فرضه المسألة فيمن ذكر صلاة العشاء من تلك الليلة، وأما على ما قلنا إنه ظاهر كلام المؤلف وغيره إنها مفروضة في حق من تذكر فائتة قد خرج وقتها ففي استحقاقها هذا الوقت نظر وهو محل النزاع، وبالجملة إن هذا القول وقول الشيخ عبد الحميد إنما يظهران على طريق ابن بشير في فرض المسألة، إذ يبعد في حق المسايف المتذكر في تلك الحال منسية أن يصليها على حاله وإن كان الامر بها على الفور، وقد اختلف الناس في الوقتية في تلك الحال بما هو مذكور في غير هذا الموضع انتهى.
قلت: ظاهر كلامه أنه لم يقف على القول بتقديم الصلاة مع فرض المسألة في الصلاة الحاضرة إلا في كلام ابن بشير، وقد ذكر ابن رشد والقرافي والشيخ أبو عبد الله بن الحاج في المدخل وقال: إنه المشهور. قال ابن رشد في شرح المسألة السادسة من سماع موسى بن معاوية من كتاب الصلاة لما ذكر مسألة من انفلتت دابته وهو في الصلاة وكان في ضيق من الوقت قال: فإنه يتمادى في صلاته. قال: وإن ذهبت دابته ما لم يكن في مفازة ويخاف على نفسه إن ترك دابته حتى يصلي على ما قالوا في الحاج يصل إلى عرفة قرب الفجر ولم يصل المغرب والعشاء وهو إن مضى إلى عرفات وترك الصلاة أدرك الوقوف، وإن صلى فاته الوقوف والحج في ذلك العام وأنه يبدأ بالصلاة وإن فاته لأنه قد يلزمه من النفقة والمؤنة في الحج عاما قابلا أكثر من قديمة الدابة أضعافا. وهذا على القول بأن الحج على التراخي، وأما على القول بأنه على الفور فهما فرضان وقد تزاحما في وقت واحد، فالبداءة بالوقوف أولى لأن تأخير الصلاة التي يقضيها بالقرب أولى من تأخير الحج الذي لا يقضيه إلا إلى عام آخر، ولعل المنية تخترمه دون ذلك. انتهى كلام ابن رشد.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست