مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٨٨
فلا يتوضأ به فإن فعل وصلى أعاد ما لم يذهب الوقت قال اللخمي: وهذا نحو الأول يشير إلى قول مالك في المجموعة المتقدم في مسألة الغدير، وإن ذلك مبني على أنه إذا كانت أجزاء المخالط الطاهر أقل من أجزاء الماء كان الماء طاهرا أو كان تركه إنما هو على وجه الاستحسان.
واقتضى كلامه هذا أن هذا القول مقابل المعروف من المذهب فإنه ذكر أن المعروف من قول مالك في ذلك سلب الطهورية كما تقدم. واعتمد الشارح في الكبير على هذا فذكر عن اللخمي أن المعروف من المذهب أن ذلك يضر قال: ولهذا اقتصر الشيخ رحمة الله عليه ونحوه في الصغير، ولعله أراد أن يقول: ولهذا قدمه المصنف فتأمله. وقد تقدم عن صاحب الطراز أنه لم يرتض بناء اللخمي، ورد ذلك عليه وأن ذلك هو الذي يفهم من كلام الباجي. ولما تكلم صاحب الطراز على هذه المسألة قال ما نصه: أما الحشيش وأوراق الشجر تسقط في الماء فتغيره، فقال أصحابنا العراقيون: لا بأس به وهو قول أبي حنيفة والشافعي، ولأنه يمكن الاحتراز منه، ومنعه أبو العباس الأبياني، وكرهه مالك إن وجد منه بدلا، وقد تقدم وجهه انتهى. يشير به إلى مسألة السليمانية وأن مالكا إنما تردد في ذلك لاشتباه أمره هل يمكن الاحتراز منه أم لا؟
وتبع ابن عرفة صاحب الطراز في حكاية هذه الأقوال الثلاثة فقال: وفيما غير لونه ورق أو حشيش غالب ثالثها يكره للعراقيين. الأبياني وقول السليمانية: تعاد الصلاة بوضوئه في الوقت انتهى. وذكر ابن مرزوق في شرحه لهذا المختصر أن بعضهم حكى عن ابن العربي أنه حكى اتفاق العلماء على جواز الوضوء بما تغير من ورق شجر نبت عليه انتهى. فتحصل من هذا أن في ماء البئر المتغير بورق الشجر والحشيش طرقا: الأولى للباجي وابن رشد وعليها اقتصر المصنف في التوضيح أن في ذلك قولين: أحدهما إن ذلك يسلبه الطهورية وهو قول الأبياني، والثاني إن ذلك لا يسلبه الطهورية وعزاه الباجي لشيوخنا العراقيين وابن رشد لاختياره من المذهب، وجعل مثل ذلك المتغير بما تطوى به البئر من الخشب والعشب ففيه قولان: اختيار ابن رشد وقول من خالفه الطريقة الثانية للخمي أن في ذلك قولين المعروف من المذهب سلب الطهورية ومقابله بالكراهة. الطريقة الثالثة لصاحب الطراز وابن عرفة أن في ذلك ثلاثة أقوال:
قول العراقيين وقول الأبياني والثالث ما في السليمانية. الطريقة الرابعة ما ذكره ابن مرزوق عن ابن العربي أن ورق الشبر النابت لا يضر اتفاقا، ولم أقف على من ذكر فيه قولا بالفرق بين التغير البين وغيره، ولعل المصنف وقف عليه لكن الذي يظهر من كلام أهل المذهب ونقولهم التي ذكرناها ترجيح القول بأن ذلك لا يسلبه الطهورية لأنه قول شيوخنا العراقيين، وقدمه صاحب الطراز وابن عرفة واقتصر عليه صاحب الذخيرة ولم يذكر غيره، واختاره ابن رشد فكان ينبغي للمصنف أن يقتصر عليه ويقدمه فإن القول الذي قدمه هو قول الأبياني وقد علمت أنه في غاية الشذوذ كما قال ابن رشد، لكن المصنف - والله أعلم - إنما اعتمد في تقديمه على ما يفهم من كلام اللخمي من أنه هو المعروف في المذهب وذلك مبني على ما أصله وقد
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست