مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
أنه حيض لان تأخير الحيض إذا لم يكن حمل إنما يكون لمرض فإذا جعل دواء لرفع المرض لم يخرجه عن كونه حيضا، وقد يتلمح ذلك من قول المصنف استعجاله فتأمله والله تعالى أعلم.
تنبيه: وعكس هذه المسألة إذا استعملت المرأة دواء لقطع الدم ورفعه فهل تصير طاهرة أم لا؟ قال ابن فرحون في مناسكه في الكلام على طواف الإفاضة وما يفعله النساء من الأدوية لقطع الدم وحصول الطهر: إن علمت أنه يقطع الدم اليوم ونحوه فلا يجوز لها ذلك إجماعا وحكمها حكم الحائض وإذا استدام انقطاعه نحو ثمانية أيام أو عشرة فقد صح طوافها إذا طافت في ذلك الطهر، وإن عاودها في اليومين والثلاثة إلى الخمسة فقد طافت وهي محكوم لها بحكم الحيض فكأنها طافت مع وجود الدم، ولم أر نصا في جواز الاقدام على ذلك إذا كانت جاهلة بتأثيره في الدم. ثم ذكر كلام الشيخ خليل في التوضيح المتقدم ثم قال عقبه: فعلى بحثه في أن استعجاله لا يؤثر فينبغي أن رفعه لا يؤثر لا سيما إذا عاودها بقرب ذلك. وقال ابن رشد: سئل مالك عن المرأة تخاف تعجيل الحيض فيوصف لها شراب تشربه لتأخير الحيض قال: ليس ذلك بصواب وكرهه. قال ابن رشد: إنما كرهه مخافة أن تدخل على نفسها ضررا بذلك في جسمها انتهى. فانظر هل هذا الأدوية مثل التي تقطع الدم بعد وجوده أو لا وهو الظاهر، فإن المرأة بعد إتيان الدم محكوم عليها بأنها حائض ولا يزول حكمه إلا بدوام انقطاعه أقل مدة ما بين الدمين فتأمله. انتهى. كلام ابن فرحون.
وحاصله أنها إن علمت أن الدم إنما يرتفع اليوم ونحوه فلا يجوز لها الاقدام على ذلك ولا تطهر بذلك، وإن عاودها بعد اليومين والثلاثة إلى الخمسة فحكمها حكم الحائض لا يصح طوافها، وإن كان ارتفاعه يستديم عشرة أيام أو ثمانية صح طوافها، وإن جهلت تأثيره في رفع الدم فلم نر نصا في جواز الاقدام على ذلك. وما ذكره عن ابن رشد وهو في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب الحج وفي أول السؤال سئل عن المرأة تريد العمرة وتخاف تعجيل الحيض الخ. وقول ابن فرحون انظر هل هذا مثل الأدوية التي تقطع الدم بعد وجوده أو لا وهو الظاهر ليس بظاهر، بل الذي يظهر من كلام ابن رشد أن الحكم واحد. قال في أواخر كتاب الجامع من البيان قال ابن كنانة: يكره ما بلغني أن يصنعنه يتعجلن به الطهر من الحيض من شراب الشجر والتعالج بها وبغيره. قال ابن رشد: المعنى في كراهة ذلك ما يخشى أن تدخل على نفسها من الضرر بجسمها بشرب الدواء الذي قد يضرها انتهى. فعلم من كلام ابن رشد أنه ليس في ذلك إلا الكراهة خوف ضرر جسمها، ولو كان ذلك لا يحصل به الطهر لبينه ابن رشد. وأما قوله إنه إذا عاودها فيما دون الخمسة فحكمها حكم الحائض فكأنه يريد أن الخمسة أقل الطهر على قول ابن الماجشون، ولم يقل أحد أن ما دونها طهر وأن ما بين الدمين إذا كان أقل من أيام الطهر فحكمه حكم أيام
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست