مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
والجهاد من سماع أشهب من كتاب الوضوء: وسئل مالك عن الحائض والجنب تخضب يديها فقال: نعم وذلك مما كان النساء يتحرينه لئلا ينقض خضابهن الطهور للصلاة. ابن رشد: وهذا كما قال لا إشكال في جوازه، ولا وجه لكراهته لان صبغ الخضاب الذي يحصل في يديها لا يمنع من رفع حدث الجنابة والحيض عنها بالغسل إذا اغتسلت. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: والاتفاق على أن الحناء ليست بلمعة.
فرع: وأما أثر النشادر فقال البرزلي في مسائل الصلاة: كان شيخنا الامام يعني ابن عرفة يقول: هو بمنزلة الحناء ولا يعده لمعة. وكان شيخنا أبو محمد الشبيبي يعده لمعة وينقله عن غيره ويحتج عليه بأنه حائل، لأنه يظهر أثره عند العجين ونحوه. فعليه لا يجوز الخضاب به،. وكذا عنده الحرقوص الذي لا يزال بالماء بل بالتقشير. قال: وأما لو كان يزول بالماء ولم يبق إلا أثره كالحرقوص المسمى بالغبار فلا بأس به انتهى.
قلت: الظاهر في النشادر ما قاله ابن عرفة وخروج أثره عند العجين ونحوه لا يقتضي كونه حائلا لان الحناء أيضا كذلك يخرج أثره عن العجين ونحوه ولم يدوه حائلا. وأما الحرقوص فالمراد به العفص، والغالب فيه أنه إذا عمل في الجسم يكون حائلا، إلا إذا كان رقيقا جدا كالذي يعمله النساء في أظفارهن، فالظاهر أنه إنما يبقى أثره فينظر في ذلك إلى رقة العفص وثخنه وتجده كما أشار إلى ذلك. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: اختلف المتأخرون من التونسيين في النشادر، فقيل: إنه ليس بلمعة لأنه عرض والعرض ليس بجسم. وقيل: لمعة لأنه يتقشر. ورده صاحب القول الأول لأن الزائل قشرة اليد لحرارة مائها، وأفتى أبو الحسن القيرواني بأن الحرقوص لمعة ولا ينبغي أن يختلف فيه، وكذلك السواك مما يجب غسله من الشفتين انتهى. ويعني بالسواك الجوز والله أعلم.
فرع: وأما المداد فجعله صاحب الطراز كالمستثنى من مسألة الحائل ونصه إثر كلامه السابق: فرع إذا قلنا إنه لا يجزئه فإن كان ذلك مما لا يمكن الاحتراز منه ولا من مثله فهل يعفى عنه وينتقل الفرض للجسم الحائل كما في الظفر يكسى مرارة من ضرورة فقد قال مالك في الموازية فيمن توضأ وعلى يديه مداد فرآه بعد أن صلى على حاله: إنه لا يضره ذلك إذا أمر الماء على المداد. ثم قال: إذا كان الذي كتب كأنه رأى أن الكاتب لا يمكنه الاحتراز عن ذلك بخلاف غير الكاتب. وقوله إن كان إمرار الماء على المداد واضح في إعطاء المداد حكم ما تحته.
فإن قيل: المداد غير حائل وإنما هو حكم ما يصبغ كالحناء قلنا: ليس كذلك فإن الحناء تزال ويبقى أثرها بخلاف المداد، ولو كان غير حائل لم يكن لاشتراط كونه هو الكاتب معنى انتهى بلفظه.
ونقله في النوادر قبل فصل التيمم بيسير عن ابن القاسم في المجموعة ولفظه: قال ابن القاسم: ومن توضأ على مداد بيده لم يضره. وقال ابن عرفة الشيخ عن ابن القاسم: من توضأ على مداد يديه
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست